أحمد صلاح رفقى يكتب.. هندسة النظم الاجتماعية

هندسة النظم الاجتماعية تعمل على صياغة رؤية متكاملة تتعلق بإيجاد آليات مبتكرة ودقيقة مثل استخدام الهندسة القانونية في المجال التشريعي، التي تقوم علي توفير صياغات قانونية محكمة، باتباع خطوات علمية وآليات حديثة وذلك وفقاً لرؤية تقوم على مفهوم الهندسة القانونية.

وذلك، لأن القوانين والتشريعات باتت اليوم العمود الفقري لكل الممارسات والمشاريع والخدمات التي تقدمها كل السلطات في المجتمع، لاسيماً السلطة التنفيذية، بما يصب في مصلحة الدولة والشعب، الأمر الذي يجعل من التشريع الدائرة الأهم والتي من خلالها تنطلق كافة المصالح الأخرى.

كما أن التشريع سواء في مجال وضع القوانين الجديدة أو تطوير القوانين القائمة، تنطلق في الغالب نتيجة لحاجة ضمن نطاق معين سواء في الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، ما يجعلها رهينة التغييرات المتكررة، أو ضمن نطاق الحاجة بصورة مستمرة للتطوير، بينماً الرؤية التي تنطلق من هندسة النظم الاجتماعية، وتكون الهندسة القانونية نتيجة عن دراسات مبنية على بحوث وتحاليل علمية، تعطي تصوراً واضحاً للأثر المترتب على كل تشريع في المدى القريب والبعيد، ما يجعل فاعلية القوانين ممتدة لأطول فترة.

وجدير بالذكر أن القوانين تكون أقوى وأجدى عندما تتمتع برؤية شمولية واضحة، وتوضع على طاولة مجلس النواب بين فصل تشريعي وآخر لإضفاء التعديلات. وأن التطور الجديد للقوانين والتشريعات ضمن مفهوم الهندسة القانونية سيعطي المزيد من الإستقرار للقوانين، وسيفتح المجال لتحقيق التكامل في عمل السلطة التشريعية، فضلاً عن السلسلة التي ستنجم عن ذلك لدى السلطات المعنية بتنفيذ القوانين.

تقوم هندسة النظم الاجتماعية على استخدام أدوات حديثة واستغلال للتكنولوجيا عبر العمل على تحليل كم هائل من البيانات والمعلومات، مع اتباع تقنيات الهندسة القانونية للوصول إلى أفضل صياغة لتطوير وتحديث القوانين والتشريعات، وذلك بما يتواءم مع التطلعات التنموية والتطويرية في المجتمع، إلى جانب القدرة في معالجة الكثير من المشكلات والقضايا بمنظومة قانونية محكمة.

وتعتبر المرئيات الحديثة لعلم هندسة النظم الاجتماعية، أداة سريعة تتناسب مع هذا العصر والتضخم السكاني الحادث فيه والزيادة في النشاط الإنساني وما نتج عن كل ذلك من تعاظم وتشابك في المشكلات الاجتماعية القائمة في المجتمع، بالإضافة للهندسة القانونية في تطوير وتحديث النظم القانونية بالطرق المثلى وبالسرعة الممكنة وبالشكل الذي يتوافق مع معطيات هذا العصر، بعد أن كان يستغرق تطويرها وتحديثها في العصور السابقة عقوداً من الزمن نتيجة الثبات النسبي الذي كانت تتسم به النظم الاجتماعية في تلك العصور.

واتمني ان يكون مجلس النواب القادم أول من يتبني هذه المبادرة، لأهمية تطبيق هذه الآليات الجديدة في مجال التشريع، وأن يصيغ رؤية واقعية عميقة ومنسجمة مع كافة التطلعات والمحاور الهامة التي تدور في مجملها حول التطوير والتنمية واللذان يصبان في مصلحة المواطن، بالإضافة إلى المصلحة الوطنية لاسيماً فيما يتعلق بمحور التوازن المالي، في سعي لتحقيق حياة معيشية مستقرة لأبناء الشعب.

وأؤكد ان أبواب هندسة النظم الاجتماعية مفتوحة للتعاون مع الجميع ولتطبيق آليات الهندسة القانونية حتى تعم الفائدة على الجميع، وإعادة بناء الثقة وتكامل عمل الجميع من أجل تخطي التحديات، لتحقيق أفضل النتائج للوطن والمواطن.