مستقبل مصر.. من حلم الدلتا الجديدة إلى مدينة صناعية بإيرادات تقدر بمليار دولار

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تحوّلًا نوعيًا في مفهوم التنمية الزراعية، تجسد في مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، الواقع على امتداد محور الضبعة الجديد، وعلى بعد دقائق معدودة من مدينة السادس من أكتوبر، لم يكن المشروع مجرد توسع زراعي تقليدي، بل تحول إلى نموذج متكامل يربط بين الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، بما يضمن مضاعفة العوائد الاقتصادية، وخلق فرص عمل مستدامة، وتحقيق الأمن الغذائي.
تفاصيل مشروع مستقبل مصر
يمتد المشروع على مساحة 500 ألف فدان، صممت بأسلوب هندسي دقيق، حيث تم تقسيم الأرض إلى 60 طريقًا طوليًا و35 طريقًا عرضيًا، وكل قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 1000 فدان، ويهدف المشروع إلى إنتاج محاصيل زراعية بجودة عالية وأسعار مناسبة، مع تقليل فاتورة الاستيراد، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية.
وفي هذا السياق، صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات موسم حصاد القمح لعام 2025، بأن هناك تحديات كثيرة تواجه الدولة، لإضافة أراض زراعية جديدة، مضيفًا: "عاوز أقولكم لما نيجي نقول فيه تخطيط بكلم الحكومة والمستثمرين وكل من يساهم في إنجاح الفكرة، ونقول عاوزين ندخل الأرض دي الزراعي بيقابلنا تحديات تمويل وتنفيذ".

نقلة نوعية من الزراعة إلى التصنيع
لم يتوقف المشروع عند حدود الزراعة، بل توسّع ليشمل إقامة مدينة صناعية متكاملة على مساحة 1000 فدان في قلب المشروع، وقد تم اختيار موقع المدينة بعناية ليكون مرتبطًا بشبكة المحاور الرئيسية مثل طريق الضبعة، والدائري الإقليمي، والطريق الصحراوي.
تهدف المدينة إلى تعظيم القيمة المضافة للإنتاج الزراعي المحلي، من خلال تحويل الخامات إلى منتجات مصنّعة قابلة للتصدير. وتشير التقديرات إلى أن المدينة، في مرحلتها الأولى، ستستقبل قرابة 3.5 مليون طن من الخامات الزراعية سنويًا، يتم تحويلها إلى 1.7 مليون طن من المنتجات النهائية، وهو ما يمثل نقلة اقتصادية كبرى قد تدر إيرادات تقترب من مليار دولار سنويًا.
مجمع صناعي زراعي هو الأكبر في مصر
تضم المدينة عددًا من المصانع المتخصصة، منها:
- مصنع البصل المجفف بطاقة إنتاجية تبلغ 4 آلاف طن من أصل 20 ألف طن خام.
- مصنع النشا والجلوكوز الذي ينتج 70 ألف طن سنويًا من أصل 300 ألف طن خام.
- مصنع الأعلاف بطاقة 180 ألف طن.
- مصنع السكر الذي يعمل على معالجة 2.5 مليون طن من البنجر.
- مصنع البطاطس نصف المقلية بقدرة إنتاجية تصل إلى 40 ألف طن.
- مصانع للعصائر والمركزات مثل البرتقال والرمان، بالإضافة إلى مصانع للخضراوات المجمدة.

كما تم تجهيز المدينة بأحدث التقنيات في مجالات التبريد، والفرز، والتعبئة، إلى جانب معامل تحليل جودة متطورة، ومحطات رقابة بيطرية عالية الكفاءة.
بنية تحتية عملاقة ومشاركة خاصة
الرئيس السيسي أكد أهمية العمل المشترك بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، موضحًا التحديات التي تواجه الدولة في توصيل البنية التحتية لملايين الأفدنة، قائلاً: "لما نتكلم عن البنية الأساسية المطلوبة في الزراعة.. طاقة وبنية تخدم على الزراعة.. طرق وشبكة كهرباء.. لو بقول عاوز أدخل 800 ألف فدان .. لو ضيعت مني سنة نتيجة أي شيء.. ضيعت من مصر فرصة 30 مليار جنيه!"

وأشار الرئيس إلى أن تكلفة تجهيز الفدان الواحد بالطرق والكهرباء وشبكات المياه تتجاوز 300 ألف جنيه، مما يعني أن تجهيز مليون فدان فقط يحتاج إلى نحو 300 مليار جنيه.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس أهمية دعم وزارات الكهرباء والري والزراعة لهذا المشروع، مع فتح الباب أمام المستثمرين للمشاركة في هذا النموذج التنموي الفريد.