البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% في 2024‑2025

الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

في تحديثه الأخير ضمن تقرير المنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نصف السنوي، أعلن البنك الدولي عن رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي المصري خلال العام المالي 2024‑2025 بمقدار 0.3 نقطة مئوية، مسجّلًا معدل نمو محتمل قدره 3.8٪، ارتفاعًا من التقدير السابق 3.5٪ في أكتوبر الماضي.

وهذا التعديل يعكس مؤشرات إيجابية على تراجع معدلات التضخم وتحسن الإنفاق المحلي في القطاع الخاص.

وتأتي هذه التوقعات وسط مشهد اقتصادي يشير إلى تباطؤ النمو العام الماضي، حيث سجل الاقتصاد نموًا بنسبة 2.4٪ في العام المالي 2023‑2024، نتيجة ضعف النشاط الصناعي وتراجع إيرادات قناة السويس، إضافة إلى قيود على الواردات وجائحة العملة الأجنبية.

وأشار البنك الدولي إلى انخفاض نشاط حركة السفن عبر القناة بنسبة تصل إلى 54٪ مقارنة بالأعوام التي سبقت الحرب في غزة.

العوامل الداعمة للتعديل

رفع البنك توقعاته يأتي مدفوعًا بعوامل عدة، منها تحسّن التضخم في المدن المصرية من نحو 24٪ في يناير إلى 12.8٪ في فبراير، ثم ارتداده إلى 13.6٪ في مارس، وهو ما يعزز القدرة الشرائية للأسر.

كما أشار التقرير إلى انعكاس إيجابي لانسحاب الضغوط التضخمية وخفض سعر الفائدة، فضلًا عن ارتفاع التحويلات المالية الوافدة من المغتربين، وتحسّن الثقة الاستهلاكية من تحسن المناخ الاقتصادي العام .

وذكر البنك أن هناك دورًا حاسمًا للقطاع الخاص كمحرك للنمو، مدعوم بإجراءات الإصلاح الاقتصادي وإصلاحات المناخ الاستثماري التي تستمر الحكومة في تنفيذها .

توقعات العام المالي المقبل ثابتة عند 4.2%

أما بشأن العام المالي 2025‑2026، فقد أبقى البنك الدولي توقعاته عند 4.2٪، مشيرًا إلى أن النمو السريع للإنفاق المحلي، مدفوعًا بالتضخم المنخفض، سيدعم استدامة التعافي الاقتصادي.

كما يعكس ذلك تفاؤلًا نسبتّه إلى المشروعات الاستثمارية – خاصة مدعومة من تمويل إماراتي – إلى جانب استمرار نشاط القطاع الخاص وتعزيز التحويلات .

التحديات والمخاطر المحفوفة

ويواجه الاقتصاد المصري تحديات ملحوظة، أبرزها تراجع إيرادات قناة السويس بسبب الاضطرابات الجيوسياسية وحروب الشرق الأوسط، مع تباطؤ النشاط البحري العالمي .

كما أن ارتفاع معدلات الفائدة وصعود العجز المالي (متوقع أن يرتفع من 3.6٪ إلى 7.2٪ من إجمالي الناتج) يزيد من ضغوط الدين العام .

وأشار التقرير إلى أن أي اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية أو عودة التضخم، أو تراجع الثقة الاستثمارية، قد تؤثر سلبيًا على النمو المتوقع .

رد فعل الحكومة والأطراف الرسمية

رحبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رانيا المشاط، بقرار البنك الدولي، معتبرة أن هذه المراجعة تصب في صالح جهود الحكومة للإصلاح الاقتصادي وتعزز الثقة في مسار التحول الهيكلي.

وأكدت أن الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال وتهيئة الظروف للقطاع الخاص مستمرة لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.

من جانبه، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إن توقعات صندوق النقد الدولي – الذي رفع توقعاته للعام المالي الجاري إلى 3.8٪ وللعام القادم إلى 4.2٪ – تعزز من رؤية الدولة للنمو المستدام وصولًا إلى 5.5٪ بحلول 2030.

مسار التعافي والتحديات المستقبلية

تأتي توقعات البنك الدولي الإيجابية في سياق جهود مصر لتحقيق التعافي الاقتصادي بعد أزمة العملة والتقلبات التضخمية والإيرادية. رفع التوقعات لـ 3.8٪ للعام الجاري وحفاظها عند 4.2٪ للعام القادم يعكس مراحل التقدم في الإصلاحات، لكنه يظل حذرًا حيال التحديات الهيكلية.

رغم التفاؤل، يلفّ الترقب الاقتصادي الأسواق، حيث يبقى استقرار قناة السويس، والسياسات النقدية والمالية، والأوضاع الإقليمية عوامل حاسمة في تحديد مدى تحقق هذه التوقعات وتبقى الأولويات الحكومية مركّزة على تحفيز الاستثمار، دعم تنافسية القطاع الخاص، وضبط المالية العامة، لتعزيز المرونة الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.

تم نسخ الرابط