رأس شقير بين خفض الدين والاستثمار السيادي.. كواليس قرار التخصيص ودور الصناديق الخليجية

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 303 لسنة 2025، القاضي بتخصيص قطعة أرض هائلة المساحة في منطقة «رأس شقير» بمحافظة البحر الأحمر، والبالغة 41515.55 فدان تقريبًا (ما يعادل 174 مليون متر مربع)، لصالح وزارة المالية، القرار، الذي نُشر رسميًا في الجريدة الرسمية، نصّ على أن هذا التخصيص يأتي لدعم جهود الدولة في خفض الدين العام، وإصدار الصكوك السيادية وفق القوانين المنظمة لذلك، لافتا إلى أنه تستثنى من هذا التخصيص أية أراضي تحتوي على منشآت أو مواقع عسكرية، التي ستظل تحت إشراف القوات المسلحة بالكامل.
أهداف اقتصادية واضحة وخطة تمويل بديلة
يأتي القرار في وقت تواجه فيه الدولة المصرية ضغوطًا متزايدة من ارتفاع الدين الخارجي الذي تجاوز 155 مليار دولار بنهاية عام 2024، إلى جانب أعباء خدمة الدين المرتفعة، وبدلًا من اللجوء إلى اقتراض جديد من الأسواق الدولية، تسعى الحكومة إلى توظيف بعض الأصول غير المستغلة كضمانات لإصدار صكوك سيادية، وفقًا لتشريعات تم إقرارها سابقًا تسمح بذلك.
ووفق لوزارة المالية، فإن الأراضي المخصصة لن تُباع، وإنما ستستخدم كضمانات لإصدار الصكوك، على أن يتم منح المستثمرين – سواء صناديق سيادية خليجية أو بنوك دولية – حق الانتفاع لفترات تصل إلى 30 عامًا، دون التنازل عن ملكية الأصل.
لماذا رأس شقير؟
رأس شقير منطقة ذات أهمية اقتصادية وسياحية كبيرة، تقع على ساحل البحر الأحمر، وتُعد من أبرز المواقع الواعدة للاستثمار في قطاعات السياحة والطاقة، خصوصًا مع قربها من مراكز حيوية مثل الغردقة وشرم الشيخ، إضافة إلى كونها منطقة إنتاج بترولي منذ سنوات.
تشير التقديرات الأولية إلى أن القيمة السوقية الإجمالية للأراضي قد تتجاوز 7 مليارات دولار، مما يفتح المجال أمام تمويل كبير في حال نجاح عملية طرح الصكوك.
الصناديق الخليجية في الصورة
بحسب مصادر مصرفية، فإن الصناديق السيادية في دول الخليج، وعلى رأسها صندوق أبوظبي (ADQ) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، تتابع عن كثب فرص الشراكة في استثمارات الصكوك المرتبطة بأراضي رأس شقير، في ضوء اهتمامها المتزايد بالاستثمار طويل الأجل في مصر.
تأتي هذه الخطوة في سياق نهج اعتمدته الحكومة المصرية خلال العامين الأخيرين للاستفادة من شهية المستثمرين الخليجيين، مثلما حدث في صفقة "رأس الحكمة"، التي جذبت ما يزيد عن 35 مليار دولار.
ضمانات الدولة وموقف الجيش
أكدت الجهات الحكومية أكثر من مرة أن ملكية الدولة للأراضي لن تتغير، وأن جميع الإجراءات تتم في إطار القانون، مع الحفاظ على المواقع ذات الطبيعة الاستراتيجية تحت إشراف القوات المسلحة، التي تحتفظ بعدد من المنشآت والمواقع الحيوية في محيط رأس شقير.
نماذج إقليمية مشابهة
ليست مصر الدولة الوحيدة التي تلجأ إلى هذا النوع من التوظيف المالي للأصول، فقد سبقتها دول مثل الإمارات في مشاريع "نخلة جميرا" و"مارينا دبي"، والسعودية في مشروعات "نيوم" و"البحر الأحمر"، ما حقق قفزات اقتصادية دون المساس بملكية الأراضي.