قمة بلا مضمون.. سبوبة وبيزنس المؤتمرات بين بلتون وفوربس

في مشهد بات مكرراً على الساحة المصرية، تُعقد مئات المؤتمرات الاقتصادية سنوياً، إلا أن معظمها لا يحمل من الاقتصاد سوى الاسم والعنوان.
فبدلاً من أن تكون هذه المؤتمرات منصات للحوار الحقيقي وبحث التحديات، تحولت في الغالب إلى "شو" دعائي يخدم مصالح ضيقة، يهدف إلى إضفاء بريق زائف على شخصيات فقدت تأثيرها أو لتجميل صورة كيانات تمر بأزمات داخلية.
ومن أبرز هذه النماذج "قمة الاستثمار الإقليمي والعالمي" التي أعلنت عنها مؤخراً شركة بلتون للأوراق المالية بالتعاون مع فوربس الشرق الأوسط.
تسويق للوهم لا للاستثمار
إعلان فخم، لكنه خالي من المضمون، بلا تفاصيل أو أجندة واضحة، وكأن الهدف منه فقط هو إثبات الوجود وإرسال رسائل خفية بأن القوة والنفوذ ما زالا حاضرين في المشهد المالي.
إعلان مرتجل وبلا محتوى
الإعلان عن القمة جاء مفاجئًا ومجردًا من أي خطة تنفيذية أو جدول زمني واقعي، واكتفى القائمون عليه بعنوان براّق وشعارات "مُفخخة"، تفتقد لأي مضمون حقيقي.
لم يتم الإعلان عن أسماء المتحدثين، أو الملفات المطروحة للنقاش، أو حتى معايير اختيار المشاركين، وهو ما أثار تساؤلات واسعة داخل الأوساط الاقتصادية حول جدية الحدث من الأساس.
مصادر مطلعة أكدت أن توقيت الإعلان لم يكن صدفة، بل جاء في محاولة لإحداث توازن داخلي داخل شركة بلتون، التي تعاني حالياً من اضطرابات إدارية ومشكلات مالية تحت قيادتها الحالية، وليس بدافع تقديم حلول أو استكشاف فرص استثمارية حقيقية كما تم الترويج له.
علاقات شخصية تتحكم في "البيزنس"
واحدة من أبرز علامات الاستفهام حول القمة، تتعلق بالعلاقة الوثيقة التي تجمع بين داليا خورشيد، الرئيس التنفيذي لشركة بلتون، وخلود العميان، رئيس تحرير فوربس الشرق الأوسط، فالعلاقة الشخصية تحولت إلى بوابة لعقد القمة برعاية فوربس، على الرغم من افتقاد المجلة لأي خبرة فعلية في تنظيم المؤتمرات أو إدارة فعاليات اقتصادية معقدة.
فوربس، بحكم تخصصها، تهتم فقط بإحصاء الثروات ورصد قوائم الأغنياء، ولا تمتلك خلفية تنظيمية تؤهلها لرعاية قمة اقتصادية إقليمية كبرى؛ ما يثير التساؤل حول السبب الحقيقي وراء اختيارها دون غيرها من المؤسسات الاقتصادية المتخصصة.
قمة على الورق وصفقات في الكواليس
حتى الآن، لم يتم الإعلان عن أي اتفاقيات أو فرص استثمارية واضحة في إطار القمة، كما غابت خريطة العمل أو الأجندة التنظيمية، فكل ما تم الإعلان عنه مجرد كلمات فضفاضة وشعارات تتكرر في كل مناسبة مشابهة، دون أي نتائج ملموسة على الأرض.
الواقع يؤكد أن القمة، شأنها شأن الكثير من الفعاليات المشابهة، ليست سوى وسيلة لعقد صفقات جانبية، وتبادل منافع إعلامية ومالية، ضمن دائرة مغلقة من رجال المال والإعلام، بعيدًا عن الجمهور والمستثمر الحقيقي الذي ينتظر حلولًا وسياسات لا مؤتمرات "سبوبة".
مكاسب شخصية وخسائر اقتصادية
في الوقت الذي تعاني فيه مصر من تحديات اقتصادية تتطلب حلولاً مبتكرة وجهودًا جماعية حقيقية، تُهدر الموارد والوقت في فعاليات أقرب إلى العروض الدعائية منها إلى المؤتمرات الجادة.
وبينما تسعى الشركات الحقيقية لجذب الاستثمارات، تنشغل كيانات مثل بلتون بتنظيم فعاليات هدفها الأول إعادة تلميع صورتها المهتزة أمام الرأي العام والمستثمرين.
ويبقى السؤال الأهم: من يحاسب على هذه السبوبات؟ ومن يوقف هذا النمط من الفعاليات التي تصنع الوهم وتبيع الهواء تحت مسمى الاستثمار؟