الطفرة التي سبقت العاصفة.. كيف غيّرت الرسوم الجمركية معادلات الاقتصاد العالمي مؤقتًا؟

في مواجهة تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، شهدت التجارة العالمية طفرة غير متوقعة لكنها قصيرة الأمد، هذا "الاندفاع الجمركي" قلب موازين الاقتصاد في ربع واحد، قبل أن يتلاشى أثره تاركًا خلفه علامات استفهام كثيرة.
مع تولي الرئيس دونالد ترامب السلطة، أدركت الشركات سريعًا أن السياسة التجارية الأمريكية ستتغير وتصريحات ترامب عن الرسوم الجمركية بأنها "أجمل كلمة في القاموس" أطلقت شرارة سباق عالمي لشحن البضائع قبل تطبيق الرسوم الجديدة.
وبدأت آثار هذا السباق في الظهور مطلع أبريل، حيث قامت الشركات بتحميل الواردات مسبقًا لتفادي الرسوم "التبادلية"، ما أدى إلى تداعيات اقتصادية فورية.
وفي الولايات المتحدة، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في الربع الأول، مدفوعًا بزيادة غير مسبوقة في الواردات بنسبة 42.6%، في حين تراكمت المخزونات مع تراجع إنفاق المستهلكين.
والأثر امتد إلى أوروبا، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 0.6%، مدعومًا بزيادة الصادرات إلى أمريكا. برزت أيرلندا كمستفيد رئيسي بنمو 9.7%، بينما عانت لوكسمبورج من انكماش بلغ 1%.
كما ساهم المستهلكون الأمريكيون في هذا الاندفاع، عبر شراء مسبق للسلع المستوردة تفاديًا لزيادات الأسعار ولكن هذا الطلب تبخر في شهري أبريل ومايو، وبدأت مؤشرات التضخم في الظهور تدريجيًا في أسعار السيارات المستعملة والسلع الصينية.
ورغم أن التأثير الكامل للرسوم لم يظهر بعد، فإن التوقعات تشير إلى تعافٍ مؤقت للنمو في الربع الثاني بفعل انخفاض العجز التجاري ولكن المحللين يحذرون من أن كثيرًا من الطلب المستقبلي قد تم سحبه إلى الربع الأول، ما يُنذر بفترة ضعف مقبلة.
وتواجه منطقة اليورو مرحلة غموض بعد زوال دفعة التحميل المسبق، وسط تحديات تنافسية من قوة اليورو.
أما البنوك المركزية، وخاصة الفيدرالي الأمريكي، فتمشي على حبل مشدود حيث ضعف الاستهلاك، والتضخم غير المستقر، وضبابية التوقعات، كلها تعقّد قرار خفض الفائدة أو تثبيتها.
وهكذا، بعد طفرة محمومة سبّبتها السياسة التجارية، يقف الاقتصاد العالمي أمام مفترق طرق: بين تلاشي الزخم وصعود موجة جديدة من عدم اليقين.