"إنفيديا".. الشركة التي بدأت من مطعم وأصبحت من عمالقة وول ستريت

في الوقت الذي تتردد فيه أسماء شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "أبل"، و"مايكروسوفت"، و"جوجل" في الأحاديث اليومية، تبقى شركة "إنفيديا" بعيدة نسبيًا عن الشهرة الجماهيرية رغم حضورها القوي في حياة ملايين المستخدمين حول العالم.
وربما لا يدرك كثيرون أن شرائح الرسومات المستخدمة في العديد من الحواسيب والأجهزة الذكية تحمل توقيع هذه الشركة التي أصبحت اليوم رائدة عالمية في مجال تصنيع وحدات معالجة الرسوميات، أو ما يعرف اختصارًا بـ"كروت الشاشة".
بداية متواضعة من مطعم صغير
تعود نشأة "إنفيديا" إلى عام 1993، حين اجتمع ثلاثة مهندسين في مطعم صغير بولاية كاليفورنيا، يتقاسمون حلمًا طموحًا بإعادة تعريف الرسومات في عالم الحوسبة.
رأى المؤسسون أن وحدات معالجة الرسوميات لا يجب أن تقتصر على تشغيل الألعاب فقط، بل يمكن أن تُستخدم في تطبيقات متقدمة مثل أبحاث الذكاء الاصطناعي، المحاكاة، وحتى الحوسبة السحابية.
منذ ذلك الحين، بدأت "إنفيديا" طريقها الصعب في سوق التكنولوجيا، ونجحت في فرض نفسها تدريجيًا بفضل جودة منتجاتها، حيث تميزت كروتها بالسرعة، والدقة، والقدرة العالية على تقديم رسوميات واقعية جذبت الملايين من اللاعبين والمطورين.
ازدهار في زمن الأزمات
خلال جائحة كورونا عام 2020، شهدت الشركة قفزة نوعية في الطلب، نتيجة لزيادة الإقبال على الألعاب الإلكترونية والعمل من المنزل. تزامن ذلك مع ازدهار العملات الرقمية، حيث أصبح طلب "المعدّنين" على كروت إنفيديا مرتفعًا للغاية.
هذا التوسع المفاجئ دفع بالقيمة السوقية للشركة إلى ما يتجاوز 800 مليار دولار، وهو رقم اقترب بها من نادي التريليون الذي لا يدخله سوى عمالقة التكنولوجيا.
تقلبات السوق
لكن مع هبوط أسعار العملات الرقمية في عام 2022، تراجعت القيمة السوقية لإنفيديا إلى أقل من 300 مليار دولار، في واحدة من أكبر الهزات في تاريخها.
غير أن الشركة سرعان ما عادت بقوة في عام 2023، إذ تجاوزت نتائج أرباحها كل التوقعات، مدفوعة بالطفرة الهائلة في الذكاء الاصطناعي، لتتجاوز قيمتها التريليون دولار ولو لفترة قصيرة.
اللافت أن إنفيديا احتاجت إلى 500 يوم فقط للانتقال من 500 مليار إلى تريليون دولار، أي أقل من ثلث المدة التي استغرقتها "أبل" لتحقيق القفزة نفسها.
من كروت الشاشة إلى الذكاء الاصطناعي
اليوم، لم تعد إنفيديا مجرد شركة لإنتاج كروت الشاشة، بل باتت لاعبًا رئيسيًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الفائقة، الروبوتات، والسيارات ذاتية القيادة.
كما جاءت ضمن أقوى خمس شركات تكنولوجيا أداءً في عام 2024، إلى جانب استفادتها من عودة الزخم إلى سوق العملات الرقمية، لاسيما "بيتكوين" التي كسرت أرقامًا قياسية جديدة.
بهذا الأداء، تثبت "إنفيديا" أن المستقبل لا يُكتب فقط في المختبرات أو المقرات العملاقة، بل يمكن أن يبدأ من حلم صغير على طاولة في مطعم، ويصل إلى قمة العالم التكنولوجي.
-