أسيوط على خريطة الطاقة الحديثة.. مجمع تكرير متطور لتقليل الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصعيد

 مجمع إنتاج السولار
مجمع إنتاج السولار في أسيوط

في إطار جهود الدولة المصرية لتأمين احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، تمضي الحكومة قدمًا في تنفيذ مشروع عملاق بمحافظة أسيوط، يُعد من بين أبرز مشروعات تطوير وتحديث قطاع التكرير في البلاد.

والمشروع هو مجمع إنتاج السولار والمنتجات البترولية عالية القيمة بأسيوط، الذي يمثل إضافة استراتيجية للاقتصاد الوطني ولتنمية الصعيد بوجه خاص.

يُنفذ المجمع تحت إشراف وزارة البترول والثروة المعدنية، ويهدف إلى معالجة وتحويل المازوت منخفض القيمة – الناتج عن عمليات التكرير في معمل شركة أسيوط لتكرير البترول – إلى منتجات بترولية عالية الجودة تلبي المعايير البيئية العالمية، على رأسها السولار، الذي يمثل أحد أبرز مكونات الطلب المحلي في قطاع النقل والصناعة.

ويُعد هذا المشروع الأول من نوعه في منطقة جنوب مصر، ويأتي ضمن خطة أشمل لتوزيع قدرات التكرير بصورة أكثر توازنًا بين مختلف المحافظات، وتحديدًا في صعيد مصر الذي عانى طويلًا من الاعتماد على الإمدادات القادمة من شمال البلاد.

ومن المنتظر أن يساهم هذا المجمع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود في محافظات الصعيد، فضلًا عن تقليل الضغط على شبكات النقل اللوجيستي.

القدرات الإنتاجية المستهدفة للمجمع مذهلة، إذ من المتوقع أن ينتج سنويًا:

2.8 مليون طن من السولار

400 ألف طن من النافتا

100 ألف طن من البوتاجاز

300 ألف طن من الفحم

66 ألف طن من الكبريت

ويؤكد المتخصصون أن هذه الكميات ستلعب دورًا محوريًا في سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات البترولية نتيجة التوسع العمراني والصناعي في السنوات الأخيرة.

وتُقدّر تكلفة إنشاء المجمع بنحو 3 مليارات دولار أمريكي، في واحدة من أكبر الاستثمارات الحكومية في قطاع الطاقة خلال العقد الأخير، وتم تنفيذ المشروع وفقًا لأعلى المعايير الدولية في التصميم والتنفيذ، باستخدام أحدث تكنولوجيا التكرير المعروفة باسم "التكسير الهيدروجيني"، التي تتيح أقصى استفادة من المازوت وتقلل الانبعاثات البيئية الضارة.

 مجمع إنتاج السولار
 مجمع إنتاج السولار

ووفقًا للتقارير الرسمية، فقد بلغت نسبة الإنجاز في المشروع حوالي 85%، ومن المقرر دخوله الخدمة التشغيلية بحلول نهاية عام 2026، مما يُعزز قدرات مصر الإنتاجية ويرفع من كفاءة قطاع التكرير على مستوى الجمهورية.

ويعكس هذا المشروع التزام الدولة بتحقيق رؤية مصر 2030 فيما يخص أمن الطاقة والتنمية المستدامة، من خلال تعظيم القيمة المضافة للثروات البترولية، والاعتماد على حلول إنتاج محلية تقلل من الإنفاق على الاستيراد بالعملة الصعبة، وتوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لأبناء الصعيد.

وإن مجمع التكسير الهيدروجيني بأسيوط لا يمثل مجرد منشأة صناعية جديدة، بل هو نقلة نوعية في استراتيجية الدولة لبناء اقتصاد إنتاجي قوي، يقوم على استغلال الموارد بكفاءة وابتكار، ويُعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط.

تم نسخ الرابط