لماذا قرر البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة؟.. قراءة في الأسباب وسط تحديات

في ظل تقلبات اقتصادية محلية وضغوط جيوسياسية إقليمية وعالمية، قرر البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير يوم الخميس الموافق 10 يوليو 2025، ليبقي سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 24.00%، وسعر الإقراض عند 25.00%، وسعر العملية الرئيسية للبنك عند 24.50%.
اجتماع لجنة السياسة النقدية
كما قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 24.50%، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي انعكاسًا لآخر التطورات والتوقعات الاقتصادية منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق، ويُعد هذا القرار بمثابة وقفة تقييم ضرورية بعد سلسلة تخفيضات بلغت 3.25% خلال اجتماعات أبريل ومايو، في ظل مساعٍ مستمرة لتحقيق التوازن بين دعم النمو وكبح التضخم، دون الإخلال بالاستقرار النقدي والمالي.
قالت الخبيرة الاقتصادية حنان رمسيس إن قرار البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة جاء في توقيت دقيق، ويعكس وعيًا بحجم التحديات التضخمية التي قد تتفاقم خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت أن الحكومة أعلنت عن زيادات مرتقبة في أسعار الغاز والكهرباء، وهو ما يعني ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي زيادة محتملة في أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي كان سيتفاقم إذا تم خفض الفائدة في هذا التوقيت.
الظروف الجيوسياسية بالمنطقة
وأضافت رمسيس أن الظروف الجيوسياسية بالمنطقة، وعلى رأسها الصراع الإيراني الإسرائيلي، تُلقي بظلالها على الأسواق، وتخلق حالة من عدم الاستقرار في أسعار الطاقة وسلاسل الإمداد العالمية، مشيرة إلى أن هذه الأوضاع تفرض على البنك المركزي أن يتبع سياسة تحفظية لحين استقرار الأوضاع.

وأكدت أن القرار له أيضًا أبعاد اجتماعية واقتصادية واضحة، قائلة إن تثبيت الفائدة يُسهم في حماية مدخرات القطاع العائلي، والذي يُعد الممول الرئيسي للقطاع المصرفي.
وأضافت أن خفض الفائدة كان سيُشكل عبئًا على المدخرين الذين يعانون بالفعل من مستويات مرتفعة من التضخم، وكان يمكن أن يُسبب حالة من السخط العام، نظرًا لانخفاض العائد الحقيقي على مدخراتهم.
جاذبية أدوات الدين
وأشارت رمسيس إلى أن استقرار عوائد الودائع أمر ضروري للحفاظ على جاذبية أدوات الدين الحكومية، خاصة أذون الخزانة، التي تعتمد عليها الدولة في تمويل احتياجاتها.
وقالت إن خفض الفائدة كان سيؤدي إلى تراجع اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين بهذه الأدوات، خصوصًا في ظل التخارجات الأخيرة التي حدثت نتيجة الأوضاع الإقليمية غير المستقرة.
واختتمت تصريحاتها بالتأكيد على أن البنك المركزي يوازن حاليًا بين الحفاظ على تدفقات الأموال الساخنة، واستقرار السوق المصرفي، وضمان استمرار الثقة في أدوات الدين المحلي، مشددة على أن التثبيت في هذه المرحلة يمنح الاقتصاد مساحة من الاستقرار النقدي، مع تأجيل التيسير لحين تحسن المعطيات الأساسية.