خبراء: اكتتاب بنيان يعكس تعافي السوق وتوجه السيولة لفرص آمنة
شهد اكتتاب شركة بنيان للتنمية والتجارة، أحد أبرز الطروحات التي شهدتها البورصة المصرية خلال العام 2025، إقبالًا غير مسبوق من المستثمرين، حيث تم تغطية الطرح العام 33.7 مرة، بإجمالي كميات أوامر شراء بلغت 611.6 مليون سهم، مما يعكس ارتفاع ثقة المستثمرين في السوق وقدرته على استيعاب طروحات جديدة ذات جدوى تشغيلية واستثمارية حقيقية.
ويأتي هذا النجاح في وقت بالغ الأهمية، تزامنًا مع تحول شريحة كبيرة من السيولة التي كانت مجمدة في شهادات الادخار ذات العائد المرتفع التي طرحتها بعض البنوك الحكومية بعوائد وصلت إلى 27% نحو أدوات استثمارية أكثر استقرارًا وفاعلية على المدى المتوسط والطويل، مثل الاكتتابات العامة والخاصة.
وفي هذا السياق، قال محمد كمال، خبير أسواق المال، إن اكتتاب "بنيان" يُعد من أبرز المؤشرات على تحسّن شهية المستثمرين تجاه البورصة المصرية، خصوصًا بعد فترة من الجمود النسبي نتيجة الاعتماد على الشهادات الادخارية مرتفعة العائد.
وأضاف: "توقف تلك الشهادات خلق سيولة ضخمة لدى الأفراد، بدأت تبحث عن بدائل استثمارية أكثر جدوى، وكان الاكتتاب في "بنيان" من أبرز الخيارات، خاصة مع الطرح الجذاب من حيث التقييم السعري الذي جاء أقل من القيمة العادلة للسهم."
وأوضح كمال أن أموال الشهادات بدأت تتجه إلى أدوات أقل مخاطرة من التداول الحر، لافتًا إلى أن الطروحات العامة والخاصة، مثل طرح "بنيان"، أصبحت ملاذًا مناسبًا للمستثمر الباحث عن استقرار وعائد مستدام.
وتابع: "تغطية الطرح الخاص لأكثر من 6 مرات تعكس ثقة المؤسسات المالية والمستثمرين ذوي الخبرة، بينما الإقبال القوي في الطرح العام يشير إلى تطور وعي المستثمر الفردي، الذي بات يبحث عن شركات ذات أداء تشغيلي فعلي وجدوى استثمارية طويلة الأجل."
وأكد أن هذا النجاح يمثل فرصة حقيقية للحكومة للإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، بما يساعد على خلق عمق حقيقي في السوق واستيعاب السيولة الكبيرة غير المستغلة خارج البورصة، إلى جانب دعم جهود جذب الاستثمارات الأجنبية، وتابع "اكتتابات مثل بنيان تُعيد بناء الثقة بين المستثمر وسوق المال، وتُمهّد لمرحلة جديدة من النشاط المستدام والنمو الحقيقي في البورصة المصرية".
من جانبها قالت حنان رمسيس، خبير مالي وأسواق رأسمال، أن النجاح اللافت لطرح "بنيان" يعكس تعطش السوق المصري لطروحات جديدة مدروسة ماليًا، وتتمتع بنشاط فعلي على الأرض.
وقالت: "هذا النوع من الطروحات يوجه رسالة إيجابية مفادها أن السوق جاهز، والسيولة موجودة، وما ينقصه فقط هو الطروحات الجادة المدعومة بمستوى شفافية وحوكمة واضح."
وأشارت إلى أن سعر الطرح الذي جاء أقل من التقييم العادل للسهم، أتاح فرصة ذهبية للمستثمرين للدخول بقيمة عادلة وآمنة، مضيفًا أن النجاح في تسويق الطرح بهذه القوة يعكس حسن التنظيم وفعالية إدارة عملية الاكتتاب، وتابع "نحن بحاجة إلى تكرار هذا النموذج الناجح، وعلى الحكومة أن تنظر لاكتتاب بنيان كنقطة انطلاق لتنشيط ملف الطروحات الحكومية المتوقفة أو المؤجلة."
ولفتت إلى أن حالة التفاؤل التي صاحبت الطرح تعكس تغيرًا في سلوك المستثمر المصري، الذي أصبح أكثر وعيًا وتمييزًا بين الفرص الجيدة والفرص مرتفعة المخاطر، مؤكدًا أن هذا التغير يعزز فرص تعافي البورصة وعودتها لمسار النمو المستدام.
جدير بالذكر أن شركة بنيان كانت قد طرحت نحو 362.9 مليون سهم تمثل نسبة 21.94% من أسهمها، في نطاق سعري تراوح بين 4.96 إلى 5.44 جنيه للسهم، في حين قدرت القيمة العادلة بـ 7.52 جنيه، ما عزز من تنافسية الطرح وجاذبيته، وتولى إدارة الطرح كل من "سي آي كابيتال" و"أرقام كابيتال"، فيما قامت "مباشر كابيتال هولدنج" بدور وكيل ومسوق الطرح، وأسندت المهام القانونية إلى مكتب معتوق بسيوني وحنّاوي.
ويُنتظر خلال الساعات المقبلة إعلان السعر النهائي للسهم وفقًا لنتائج آلية البناء السعري، تمهيدًا لتحديد موعد بدء التداول الفعلي في البورصة، وسط ترقب كبير من جانب المستثمرين والمحللين لأداء السهم في أولى جلساته بالسوق الرئيسية.