مليارات آسيا تُعيد صياغة صناعة الملابس في مصر.. وتركيا والصين في الصدارة

تشهد صناعة الملابس الجاهزة في مصر تحولًا جذريًا، مع تدفق استثمارات ضخمة من تركيا والصين، في إطار إعادة تشكيل خريطة الصناعة في المنطقة، ويأتي هذا التحول في وقت تسعى فيه الشركات العالمية إلى خفض تكاليف الإنتاج، وتقليل الاعتماد على الأسواق الآسيوية التقليدية، مع الاقتراب من الأسواق الأوروبية والأفريقية.
ووفقًا لمحمد عبدالسلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات باتحاد الصناعات، فإن عام 2024 شهد اهتمامًا غير مسبوق من الشركات التركية للاستثمار في السوق المصرية، حيث تقدمت نحو 500 شركة تركية باستفسارات رسمية، فيما بدأت أكثر من 50 شركة خطوات فعلية لنقل استثماراتها.
استثمارات تركية
وأشار عبدالسلام إلى أن الاستثمارات التركية الحالية تخطت 150 مليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 500 مليون دولار خلال فترة قصيرة، مع التركيز على المصانع متوسطة الحجم التي توفر كل منها حوالي ألف فرصة عمل مباشرة.
وأضاف، "مصر تحولت إلى محطة تصنيع وتصدير وليست مجرد سوق استهلاكي، فموقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية يجعلها وجهة مثالية للاستثمارات الصناعية في مجال الملابس".
صادرات مصرية
وتوقع عبدالسلام أن تؤدي هذه الطفرة الاستثمارية إلى مضاعفة صادرات مصر من الملابس الجاهزة لتتراوح بين 7 و8 مليارات دولار خلال ثلاث سنوات، مقارنة بنحو 2.8 مليار دولار نهاية 2024، كما لفت إلى أن حجم الإنفاق المحلي على الملابس والمفروشات يتجاوز 840 مليار جنيه سنويًا (ما يعادل نحو 16.7 مليار دولار)، مما يعكس قوة السوق المحلية أيضًا.
استثمارات صينية
وفي موازاة التوسع التركي، أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن توقيع عقود مع شركتين صينيتين هما "توب نيو جارمنت" و"جواندونج هونشينض" باستثمارات إجمالية تقدر بـ 20.6 مليون دولار، لإنشاء مصانع ملابس تستهدف التصدير بالأساس.
كما وقعت الهيئة العامة للاستثمار اتفاقًا مع شركة "شيريكجي أوغلو" التركية لإنشاء مصنع ضخم للغزول وأقمشة الدينيم بالقنطرة غرب، باستثمارات تبلغ 20 مليون دولار، ويوفر المصنع 500 فرصة عمل وينتج 18 مليون قطعة سنويًا.
وفي خطوة استراتيجية، تخطط مجموعة "كريستال مارتن" العالمية، ومقرها هونغ كونغ، لإنشاء مصنع على مساحة 1.5 مليون متر مربع بنظام المناطق الحرة، سيوفر 4 آلاف فرصة عمل، ويعتمد على 60-70% من المكون المحلي.
بيئة استثمارية جاذبة
من جانبها، أكدت شيرين حسني، المديرة التنفيذية للمجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن الحكومة المصرية تواصل تقديم حوافز ضريبية ومالية، وتبسيط الإجراءات للمستثمرين، في إطار خطة لجذب سلاسل إنتاج كاملة وتوطين صناعات كثيفة العمالة وعالية القيمة.
كما عقد حسام هيبة، الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار، اجتماعات مكثفة مع وفود آسيوية مؤخرًا، في محاولة لاستقطاب كيانات صناعية كبرى تعمل في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.

مستقبل الصناعة
ويؤكد الخبراء أن هذه التطورات تؤشر لمرحلة جديدة في صناعة الملابس بمصر، قوامها التحول إلى مركز إقليمي للإنتاج والتصدير، قائم على تكامل الاستثمار الأجنبي والخبرة المحلية، بدعم حكومي مباشر وبيئة أعمال مرنة.