جدل في سوق الحديد.. مطالب بعودة رسوم الحماية على واردات البليت

دخلت سوق صناعة الحديد في مصر مرحلة جديدة من الجدل، بعدما تقدمت عدد من الشركات المنتجة للحديد بطلبات رسمية إلى الحكومة لإعادة فرض رسوم حماية على واردات خام الحديد "البليت".
توازن سوق الحديد
من جانبه أكد محمد حنفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن هذه المطالب تأتي في وقت تشهد فيه السوق ضغوطًا متزايدة بفعل المنافسة مع الشركات المستوردة، ما دفع بوزارة التجارة والصناعة إلى إعادة فتح ملف الرسوم وبدء دراسة مستفيضة للتوازن بين حماية الصناعة المحلية وضمان المنافسة العادلة.
واعترضت عدد من الشركات التى تعمل في استيراد البليت على إعادة الرسوم، معتبرة أن هذا القرار قد يرفع من تكلفة الإنتاج ويؤثر سلبًا على الأسعار النهائية للمستهلكين، خاصة في ظل الارتفاع العالمي في أسعار مدخلات الإنتاج وتباطؤ الطلب المحلي بفعل التحديات الاقتصادية.
ولم يكن هذا الملف جديدًا، ففي أبريل 2019 أعلنت وزارة الصناعة فرض رسوم حمائية بنسبة 15% على واردات البليت، بهدف دعم المنتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، واستمر العمل بها لنحو عامين كاملين، غير أن الوزارة قررت إلغاء الرسوم نهائيًا في نوفمبر 2021، في خطوة فسرت وقتها بأنها استجابة لضغوط من أطراف السوق لتخفيض تكلفة الإنتاج وتخفيف الأعباء على المستهلك النهائي.
إعادة طرح الملف اليوم تعكس حجم التباين في الرؤى داخل القطاع، بين من يرى ضرورة حماية الصناعة الوطنية أمام المنافسة غير المتكافئة من الواردات، وبين من يخشى أن يؤدي القرار إلى ارتفاع الأسعار بشكل مباشر على المواطنين.
تأثيرات محتملة على السوق
يرى خبراء الصناعة أن فرض رسوم الحماية مجددًا قد يسهم في دعم المصانع المحلية وزيادة معدلات التشغيل، خاصة مع سعي الدولة لتوطين الصناعات الاستراتيجية وتعميق الإنتاج المحلي.
وفي المقابل، يحذر مستوردو البليت من أن هذا القرار قد يضعف قدرتهم على توفير خامات بأسعار مناسبة، ما ينعكس في النهاية على أسعار حديد التسليح في السوق المحلي، وهو منتج يرتبط مباشرة بقطاع البناء والتشييد الذي يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد.
موقف الحكومة
بحسب ما أكده حنفي، فإن وزارة الصناعة تدرس جميع السيناريوهات بعناية، بهدف الوصول إلى صيغة تحقق التوازن بين حماية المنتج المحلي وضمان عدم تحميل المستهلك النهائي أعباء إضافية.
وتؤكد مصادر مطلعة أن الوزارة قد تلجأ إلى حلول وسط، مثل فرض رسوم جزئية أو مؤقتة، أو ربطها بمستويات معينة من الواردات.
ويعكس هذا الجدل المستمر التحديات التي تواجهها الحكومة في رسم سياسات صناعية تراعي مصالح جميع الأطراف، وبينما تضغط الشركات المنتجة لإعادة الرسوم من أجل حماية استثماراتها، يقف المستوردون في الاتجاه الآخر دفاعًا عن حرية السوق ومنع ارتفاع الأسعار، ويبقى القرار النهائي بيد وزارة الصناعة التي ستحدد المسار خلال الفترة المقبلة في ضوء مصلحة الاقتصاد الوطني والتوازن بين العرض والطلب.