خبراء: الفائض الأولي للموازنة يمنح مصر مرونة في مواجهة التحديات التمويلية

حققت الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي 2024-2025 فائضًا أوليًا غير مسبوق بلغ 629 مليار جنيه، بما يعادل نحو 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا للبيانات الأولية التي عرضها وزير المالية الدكتور أحمد كوجك على الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماع حضره رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ويعكس هذا الرقم زيادة ملحوظة بنسبة 80% عن العام السابق 2023-2024، الذي سجل فائضًا أوليًا قدره 350 مليار جنيه، وهو ما اعتبرته الحكومة مؤشرًا على نجاح سياسات ضبط المالية العامة رغم التحديات الداخلية والخارجية.
ارتفاع الإيرادات
أوضح أحمد كوجك وزير المالية، أن هذا الأداء المتميز تحقق بفضل ارتفاع الإيرادات العامة بنسبة 29%، مقابل زيادة محدودة نسبيًا في المصروفات بلغت 16.3%، ما يعكس قدرة الدولة على السيطرة على جانب الإنفاق، كما شهدت الإيرادات الضريبية زيادة قوية وصلت إلى 35.3% لتسجل 2.2 تريليون جنيه، وهو ما ساهم في تعويض جانب كبير من خسائر قناة السويس.
وأشار كجوك إلى أن الأداء المالي لم يكن مجرد أرقام في الموازنة، بل جاء مدفوعًا بتحسن في المؤشرات الاقتصادية العامة، منها زيادة حجم الاستثمارات الخاصة، وتوسع نشاط التصنيع، وارتفاع وتيرة الصادرات، ما وفر قاعدة أوسع للنمو رغم التحديات.
ثقة للمؤسسات الدولية
أكد الخبير الاقتصادي وليد جاب الله أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع عن قرب جميع الملفات، بما فيها الملفات الاقتصادية، ومؤشرات الأداء المالي لموازنة العام المالي 2024/2025 التي انتهت في نهاية يونيو الماضي، مضيفًا أن مؤشرات الأداء المالي لهذا العام بدت إيجابية، مشيرًا إلى أن توجيهات الرئيس السيسي ركزت على أهمية تحقيق الانضباط المالي من أجل الاستمرار في تسجيل هذا النجاح.
وأوضح أن المالية العامة المصرية تمكنت من تجاوز العام المالي 2024/2025 بنجاح، بعدما حققت نموًا في الإيرادات أكبر من نمو المصروفات، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 29%، بينما زادت المصروفات بمعدل أقل بلغ 16.3% فقط، وهو ما أسفر عن تحقيق فائض أولي كبير لأول مرة يصل إلى 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار جاب الله إلى أن هذا الأداء تحقق رغم صعوبة التحديات الاقتصادية والصدمات الخارجية، وعلى رأسها تذبذب أسعار الطاقة وتراجع إيرادات قناة السويس بشكل حاد، معتبرًا أن ذلك يعكس قدرة الاقتصاد المصري المتنوع على تجاوز الأزمات وامتصاص الصدمات وتحقيق مستهدفاته المالية.
نظرة مستقبلية
من جانبهم، يرى محللون ماليون أن الحفاظ على هذا المسار الإيجابي يتطلب الاستمرار في ترشيد الإنفاق الجاري مع إعطاء أولوية للإنفاق الاستثماري والاجتماعي، بالإضافة إلى العمل على زيادة الإيرادات غير الضريبية من خلال تنشيط الأصول المملوكة للدولة وتعظيم عائدات القطاعات الإنتاجية.
ويؤكد هؤلاء أن الأداء المعلن يثبت قدرة الحكومة على تحقيق توازن بين الاستقرار قصير الأجل ومتطلبات التنمية طويلة المدى، لكنه يتطلب أيضًا إصلاحات هيكلية أوسع لزيادة تنافسية الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال.
ويُنظر إلى الفائض الأولي المحقق كخطوة مهمة تعزز الاستقرار المالي وتمنح الاقتصاد المصري قدرة أكبر على مواجهة الصدمات، مع التأكيد على ضرورة استمرار السياسات الإصلاحية لتعظيم الاستفادة من هذا الإنجاز وتحويله إلى مسار مستدام للنمو، فالفائض الأولي وهو الفرق بين الإيرادات والمصروفات دون احتساب فوائد الدين، ويمثل أحد أهم المؤشرات التي تتابعها المؤسسات الدولية لتقييم قدرة الدول على الحفاظ على استقرارها المالي، فمصر كانت قد حققت خلال الأعوام الماضية فوائض أولية تراوحت بين 1.5% و2% من الناتج المحلي، إلا أن القفزة الأخيرة إلى 3.6% تُعد الأكبر منذ سنوات، ما يضع الاقتصاد المصري في موقع أقوى نسبيًا في مواجهة الضغوط التمويلية.
ورغم هذا الأداء الإيجابي، فإن الموازنة تأثرت بتراجع إيرادات قناة السويس التي انخفضت بنسبة 60% عن المستهدف، نتيجة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة وانخفاض حركة التجارة العالمية عبر الممر الملاحي، وقدرت وزارة المالية قيمة الخسائر بحوالي 145 مليار جنيه مقارنة بما كان مدرجًا في بنود الموازنة.