مصر تراهن على القطاع الخاص لتحقيق نمو اقتصادي 7% في 2030

تسعى مصر إلى تحقيق طفرة في معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث حددت هدفًا استراتيجيًا يتمثل في رفع معدل النمو إلى 7% بحلول عام 2030، مقارنة بمستوى متوقع يبلغ 4.5% في خطة العام المالي الجاري 2025/2026، ويأتي ذلك ضمن إطار السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي تمثل خارطة طريق جديدة للسياسات الداعمة للنمو والتشغيل، بما يعكس طموح الدولة في ترسيخ موقعها كمركز إقليمي للنمو المستدام وجذب الاستثمارات.
رفع الاستثمارات وزيادة حصة القطاع الخاص
تتضمن المستهدفات الجديدة زيادة حجم الاستثمارات الكلية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 18% بحلول عام 2030، مقابل 15.2% في خطة العام المالي الحالي، كما يتم التركيز على توسيع قاعدة الاستثمارات الخاصة لترتفع مساهمتها إلى 66% من إجمالي الاستثمارات مقارنة بـ60% حاليًا.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل تسعى الاستراتيجية إلى رفع مساهمة الاستثمارات الخاصة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.9% بحلول 2030، مقارنة بـ9.1% هذا العام، وهذا التوجه يعكس الرغبة في دفع القطاع الخاص ليصبح المحرك الرئيسي للاقتصاد، حيث تستهدف الخطط أن تصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 82% خلال السنوات المقبلة.
أولوية للاستثمارات الخضراء
أحد أبرز محاور السردية الوطنية يتمثل في التوسع في الاستثمارات العامة الخضراء، إذ تستهدف أن تشكل ما بين 70 و75% من إجمالي الاستثمارات العامة بحلول 2030، ارتفاعًا من 50% فقط في خطة العام الحالي، وهذا التحول يعكس التزامًا واضحًا بتبني سياسات التنمية المستدامة، وربط خطط النمو الاقتصادي بمتطلبات التحول البيئي والطاقات النظيفة، بما يواكب التوجهات العالمية ويعزز فرص مصر في جذب استثمارات أجنبية مرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).
خلق فرص عمل جديدة وخفض البطالة
في جانب التشغيل، تستهدف الخطة زيادة عدد الوظائف الجديدة التي يخلقها الاقتصاد المصري سنويًا إلى 1.5 مليون وظيفة بحلول عام 2030، مقارنة بـ900 ألف وظيفة متوقعة في العام الجاري، وهذا النمو المتوقع في سوق العمل يعد ركيزة أساسية لخفض معدلات البطالة وتعزيز الشمول الاقتصادي، خاصة مع تزايد أعداد الشباب الداخلين إلى سوق العمل سنويًا.
تكامل مع رؤية مصر 2030
تمثل السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية امتدادًا وتطويرًا لرؤية مصر 2030، حيث تركز على مواءمة برامج العمل الحكومية مع المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، وتعتمد الخطة على استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي الذي انطلق قبل سنوات، مع إعطاء أولوية للاستثمارات في القطاعات الأكثر إنتاجية والأعلى قدرة على النفاذ إلى الأسواق التصديرية، مثل الصناعات التحويلية، الطاقة الجديدة والمتجددة، والقطاعات الرقمية.
تعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات
وفق هذه المستهدفات، من المتوقع أن تعزز مصر قدرتها التنافسية على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة إذا تمكنت من تحسين بيئة الأعمال، وتطوير البنية التحتية التشريعية والتنظيمية الداعمة لجذب الاستثمارات، كما أن التركيز على القطاع الخاص يعكس تحولًا جوهريًا في السياسة الاقتصادية نحو تمكين المستثمرين المحليين والأجانب، وإعطائهم دورًا أكبر في قيادة النمو وخلق فرص العمل.
تحديات التنفيذ
ورغم الطموحات الكبيرة، يظل تحقيق هذه الأهداف مرهونًا بقدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات القائمة، وفي مقدمتها تقلبات أسعار الطاقة عالميًا، واحتياجات التمويل المرتفعة، وضمان استقرار سوق الصرف، كما أن رفع معدل النمو إلى 7% يتطلب معدلات استثمار مرتفعة ومستدامة، إضافة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لزيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة الاقتصادية.
ويمثل استهداف مصر لنمو اقتصادي يصل إلى 7% بحلول 2030 انعكاسًا لرؤية شاملة تستند إلى توسيع دور القطاع الخاص، وتعزيز الاستثمارات الخضراء، وخلق فرص عمل واسعة للشباب، وبينما تضع هذه الخطة البلاد أمام فرصة للتحول إلى مركز إقليمي للنمو المستدام، فإن نجاحها سيتوقف على قدرة السياسات الاقتصادية على الموازنة بين الطموحات والتحديات، وضمان بيئة استثمارية قادرة على جذب رؤوس الأموال وتحفيز الإنتاجية.