خبير: البورصة المصرية أمام اختبار الثقة بين استدامة الأرباح ومخاطر التصحيح

أنهت البورصة المصرية تعاملات جلسة الخميس على صعود جماعي مدعومًا بموجة شراء قوية من المؤسسات والأفراد، لتعكس حالة من التفاؤل الحذر وعودة تدريجية لثقة المستثمرين، خصوصًا بعد موجة من التذبذبات التي شهدها السوق في الأسابيع الماضية.
عودة ثقة المستثمرين
قال محمد كمال، خبير أسواق المال، إن البورصة المصرية أثبتت خلال جلسة اليوم قدرتها على استعادة جزء من الزخم المفقود، حيث سجلت السوق تداولات قوية بلغت قيمتها أكثر من 4.4 مليار جنيه، وربح رأس المال السوقي نحو 18 مليار جنيه ليغلق عند 2.487 تريليون جنيه.
وأكد في تصريحات خاصة أن هذه الأرقام تعكس عودة تدريجية للثقة بين المستثمرين بعد فترة من التذبذبات، موضحًا أن السوق يتفاعل بوضوح مع القرارات الأخيرة بخفض أسعار الفائدة والتي أسهمت في تقليل تكلفة التمويل على الشركات المدرجة.
وأضاف كمال أن خفض الفائدة يفتح الباب أمام قطاعات عديدة للاستفادة، وفي مقدمتها العقارات والصناعة والخدمات المالية، نظرًا لتأثيره المباشر على تكلفة الاقتراض وتوسيع قاعدة العملاء، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن هذا التأثير قد يكون محدودًا في بعض القطاعات إذا لم يقابله استمرار في نمو الطلب الفعلي، خصوصًا في السوق العقارية حيث يظل التحدي مرتبطًا بقدرة العملاء على الالتزام بأنظمة السداد الممتدة.
وأشار إلى أن صعود البورصة لمستويات قياسية في أغسطس الماضي يؤكد قوة السوق، لكنه لفت إلى أن موجات التصحيح طبيعية في مثل هذه المراحل، خاصة مع ارتباط مؤشر EGX30 بحركة أسعار الفائدة منذ عام 2015، وهو ما يشكل حالة استثنائية مقارنة بالمدارس التقليدية في علم الاقتصاد التي تربط عادة بين خفض الفائدة وصعود الأسهم بشكل مباشر.
القوي الشرائية
وأوضح أن استمرار تسجيل قيم تداول مرتفعة يعكس وجود قوى شرائية مؤسسية حقيقية في السوق، إلا أن الاهتمام بالأسهم القيادية لا يزال محدودًا نسبيًا، في حين ينجذب الأفراد إلى الأسهم الصغيرة والمتوسطة التي تحقق مكاسب سريعة وتتصدر أحجام التداول، وهو ما يخلق حالة من التباين داخل المؤشرات.
وأضاف أن السوق بحاجة إلى عودة السيولة إلى الأسهم القيادية لتحقيق استقرار أكبر وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب.
وأكد كمال أن المشهد الحالي يشير إلى أن البورصة أمام مرحلة اختبار مهمة، فاستمرار تدفق السيولة ونجاح الشركات في تحقيق نمو ربحي يتماشى مع توقعات المستثمرين سيعزز من اتجاه السوق الصاعد على المدى المتوسط، بينما قد يؤدي أي تباطؤ أو ضعف في النتائج إلى ارتباك جديد.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن استعادة الثقة الكاملة ستتطلب مزيجًا من العوامل، أبرزها استمرار السياسات النقدية الداعمة، وزيادة الطروحات الجديدة، وتوسيع قاعدة المستثمرين المؤسسيين، بما يضمن تحقيق نمو متوازن ومستدام للسوق.
شهدت السوق المصرية خلال شهر أغسطس الماضي مستويات قياسية تاريخية، قبل أن تدخل في حركة تصحيح طبيعية تأثرت بالتغيرات الاقتصادية وعلى رأسها قرارات خفض أسعار الفائدة وقد تزامن ذلك مع جدل واسع حول مدى تأثير السياسات النقدية الجديدة على ربحية الشركات وتكلفة التمويل، وهو ما جعل المستثمرين في حالة مراقبة دقيقة لأداء القطاعات المختلفة، خاصة العقارات والصناعة والخدمات المالية.