كرونوس القبرصي يعزز قدرات مصر التصديرية من الغاز الطبيعي المسال

كشفت مصادر مطلعة عن توصل مصر إلى اتفاق مع شركة إيني الإيطالية يقضي بتصدير كامل إنتاج حقل كرونوس القبرصي عبر مرافقها في دمياط، وهو ما يعزز مكانة القاهرة كمركز محوري لتجارة وتسييل الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، موضحة أن الاتفاق يشمل تصدير الغاز عبر خط الربط الممتد من الحقول القبرصية وصولاً إلى شبكة حقل ظهر العملاق، ثم نقله إلى محطة الإسالة في دمياط لتجهيزه للشحن إلى الأسواق العالمية، حيث ستحصل مصر على نحو 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية يتم تصديرها، على أن يبدأ سريان الاتفاق فعلياً اعتباراً من عام 2027.
وأوضحت المصادر في تصريحات خاصة أن الكميات المتفق عليها تصل إلى نحو 500 مليون قدم مكعب يومياً، وهو ما يمثل إضافة مهمة لقدرات مصر التصديرية من الغاز الطبيعي المسال، لاسيما في ظل تصاعد الطلب الأوروبي على الغاز القادم من شرق المتوسط كبديل أكثر استقراراً للإمدادات الروسية.
مكاسب اقتصادية وسياسية
وترى المصادر أن هذا الاتفاق يمنح القاهرة إيرادات مباشرة من رسوم العبور والتسييل، فضلاً عن تعزيز مكانتها الجيوسياسية كلاعب رئيسي في أمن الطاقة الأوروبي، كما أنه يتكامل مع شراكات مصر القائمة مع دول الجوار، خاصة قبرص واليونان وإسرائيل، في إطار منتدى غاز شرق المتوسط الذي تقوده القاهرة.
وتضيف المصادر أن الاتفاق يأتي في وقت تعمل فيه الحكومة المصرية على إعادة التوازن إلى سوق الطاقة المحلي، حيث توقفت القاهرة منذ منتصف 2023 عن تصدير الغاز بسبب تراجع الإنتاج المحلي وزيادة الطلب الداخلي، لكنها تتوقع العودة مجدداً للتصدير بحلول 2027 مع دخول مشروعات تطوير الحقول البحرية مراحلها النهائية.
دور إيني وحقل كرونوس
يعد حقل كرونوس، الذي اكتشفته «إيني» في المياه القبرصية عام 2022، أحد أهم الاكتشافات الجديدة في شرق المتوسط باحتياطيات تقدر بمئات المليارات من الأقدام المكعبة، وتعتمد الشركة الإيطالية على البنية التحتية المصرية باعتبارها الأسرع والأقل تكلفة مقارنة بخيار إنشاء مرافق جديدة في قبرص.
وأكدت المصادر أن مصر ستستفيد من الخبرة الفنية والالتزامات الاستثمارية لشركة «إيني» التي تعد شريكاً استراتيجياً رئيسياً في قطاع الغاز المصري، خاصة مع تشغيلها لحقل «ظهر» الذي يعد الأكبر في البحر المتوسط.
آفاق مستقبلية
ومن المتوقع أن يسهم الاتفاق في زيادة تدفقات الغاز عبر مصر إلى أكثر من 7 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال الموجه للأسواق الأوروبية والآسيوية، كما يمنح القاهرة فرصة أكبر لتأمين إمدادات إضافية لتغطية احتياجاتها الداخلية خلال فترات الذروة، مستفيدة من الغاز العابر عبر شبكاتها.
وبحسب المصادر، فإن الحكومة المصرية تنظر إلى هذه الاتفاقية باعتبارها خطوة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة الإقليمي، وترسيخ دور القاهرة كمركز إقليمي للطاقة قادر على جذب المزيد من الشراكات والاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز.
واختتمت المصادر بأن نجاح مصر في استغلال موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية المتقدمة يضعها في موقع متميز للمنافسة على حصة متزايدة من أسواق الغاز العالمية، وهو ما يتسق مع رؤية الدولة في جعل قطاع الطاقة أحد أعمدة النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
وقال المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن الاتفاق الذي أبرمته مصر مع شركة إيني الإيطالية لتصدير غاز حقل كرونوس القبرصي عبر مرافق دمياط، يعكس الثقة المتزايدة في البنية التحتية المصرية ويعزز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة.
وأوضح كمال أن هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية الدولة للتحول إلى حلقة وصل رئيسية بين منتجي الغاز في شرق المتوسط والأسواق الأوروبية والآسيوية الباحثة عن بدائل مستقرة للطاقة.