الرئيس السيسي يطلق ثورة اقتصادية.. سر منطقة جرجوب الاقتصادية التي ستغير وجه مصر

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

في خطوة استراتيجية تعزز من طموحات مصر نحو التنمية الاقتصادية المستدامة، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الاثنين، القرار الجمهوري رقم 497 لسنة 2025 بإنشاء "منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة".

ويأتي هذا القرار بعد موافقة مجلس الوزراء في يونيو الماضي، ليصبح اليوم جزءًا رسميًا من الجريدة الرسمية، معلنًا عن تحول جذري في الساحل الشمالي الغربي.

وهذه المنطقة، التي تمتد على مساحة إجمالية تبلغ نحو 402.2 ألف فدان في محافظة مطروح، ليست مجرد مشروع صناعي، بل بوابة لجذب الاستثمارات العالمية وتعزيز موقع مصر كمركز لوجستي إقليمي.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل المحدثة لمشروع منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة، تأثيره المتوقع.

إنشاء منطقة جرجوب

وأعلن الرئيس السيسي عن إنشاء المنطقة وفقًا لأحكام قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم 83 لسنة 2002، الذي يمنح هذه المناطق امتيازات استثمارية فريدة، حيث ينص القرار على اعتبار الأراضي المحددة في الساحل الشمالي الغربي، ناحية جرجوب، منطقة اقتصادية خاصة، مما يلغي القرار السابق رقم 55 لسنة 2023 المتعلق بتخصيص أراضٍ سابق.

وهذا المشروع يأتي في سياق رؤية مصر 2030 للتنمية الاقتصادية، حيث تهدف الحكومة إلى إنشاء مناطق اقتصادية متقدمة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الصادرات.

ووفقًا لتصريحات النائب أحمد سمير، عضو مجلس النواب، فإن "جرجوب الاقتصادية ستعزز موقع مصر على خريطة التجارة العالمية وتوفر فرص عمل للشباب"، مشيرًا إلى دعم البرلمان الكامل لهذا القرار.

والمنطقة ستكون تحت إشراف هيئة عامة جديدة، مشابهة لهيئات المناطق الاقتصادية الأخرى مثل قناة السويس، لضمان التنفيذ السريع والفعال.

المكونات الرئيسية لمنطقة جرجوب الاقتصادية

وتقع منطقة جرجوب في الساحل الشمالي الغربي، على بعد حوالي 300 كيلومتر غرب الإسكندرية، مما يجعلها نقطة تقاطع مثالية بين البحر المتوسط والصحراء الغربية، حيث تغطي المنطقة 402.2 ألف فدان، مع التركيز على تطوير ميناء جرجوب البحري كمحور رئيسي.

ووفقًا لتفاصيل المشروع المعلنة في يونيو 2025، تشمل المكونات الرئيسية:  

  • تطوير الميناء واللوجستيات: إنشاء محطة حاويات لخدمة البضائع القادمة من شرق آسيا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، بالإضافة إلى قاعدة لوجستية لتوفير خطوط شحن داخلية، وهذا يعزز قدرة مصر على إعادة التصدير، خاصة للغلال والسلع الصناعية.
  • الصناعات المتكاملة: صوامع للغلال، مناطق صناعية للتصنيع، وتعاون مع شركة ترسانة الإسكندرية لبناء السفن الحربية والمدنية.
  • الشراكات الدولية: وقعت مصر مذكرة تفاهم مع شركة STX الكورية الجنوبية لتطوير المنطقة اللوجستية الصناعية، بما في ذلك مشاريع بناء سفن بقيمة تصل إلى مليارات الدولارات.

وهذه المكونات تحول جرجوب من منطقة صحراوية نائية إلى مركز تجاري نابض، يربط بين الطرق البرية الرئيسية والموانئ المتوسطية.

الامتيازات الاستثمارية والحوافز

ولجذب الاستثمارات الأجنبية، توفر المنطقة حوافز استثنائية وفقًا لقانون 83/2002، بما في ذلك: إعفاءات جمركية كاملة على الواردات، إعفاء من الضرائب على الأرباح لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، وتسهيلات في نقل الأرباح إلى الخارج، كما تسمح اللوائح بأنظمة عمل مرنة، مما يجعلها جذابة للشركات اللوجستية والصناعية.  

منطقة جرجوب الاقتصادية 
منطقة جرجوب الاقتصادية 

وفي سياق التحديثات الأخيرة، أكدت الحكومة أن المنطقة ستكون جزءًا من استراتيجية الطاقة الخضراء، مع مشاريع هيدروجين أخضر بقيمة 3 مليارات دولار بالشراكة مع DEME البلجيكية، كما أعلن في ديسمبر 2023 وتم تعزيزه في 2025.

وهذه الحوافز تتوافق مع اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر، مما يفتح أسواقًا لأكثر من ملياري مستهلك في أوروبا والشرق الأوسط.

التأثير المتوقع على الاقتصاد المصري

ومن المتوقع أن يحدث إنشاء منطقة جرجوب تحولًا جذريًا في الاقتصاد المصري، حيث يقدر أنها ستجذب استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في السنوات الثلاث الأولى، وفقًا لتقديرات وزارة الاستثمار.

وسيزيد المشروع من الصادرات بنسبة 15% سنويًا، خاصة في قطاع اللوجستيات والصناعات الغذائية، مما يقلل من العجز التجاري الذي بلغ 4.1 مليار دولار في أبريل 2025.

أما على صعيد التوظيف، فسيوفر المشروع نحو 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مع التركيز على تدريب الشباب في محافظة مطروح والدلتا.

ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 3.5% في الربع الأول من 2025، مدعومًا باستثمارات خليجية تصل إلى 35 مليار دولار في مشاريع أخرى مثل رأس الحكمة.

والمنطقة ستعزز أيضًا التنمية المحلية من خلال بناء بنى تحتية مثل الطرق والكهرباء، مما يدعم رؤية مصر للانتقال إلى اقتصاد أخضر.

الشراكات الدولية

وشهدت المنطقة تطورات سريعة في الأشهر الأخيرة، مع توقيع مذكرات تفاهم مع كوريا الجنوبية في يونيو 2025 لتطوير الميناء، وشراكات مع اليابان في أغسطس 2025 لمشاريع الهيدروجين الأخضر ضمن قناة السويس الاقتصادية، والتي تتداخل مع جرجوب.

كما أقرت الحكومة مشاريع طاقة شمسية بقدرة 900 ميغاواط في يونيو 2025، مما يعزز الاستدامة البيئية للمنطقة، وهذه الشراكات تجعل جرجوب جزءًا من شبكة عالمية، مع توقعات بتوقيع اتفاقيات جديدة في قمة الاستثمار العربي-الأفريقي المقبلة.

ومع إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية، تؤكد مصر التزامها بتحويل تحدياتها إلى فرص، مما سيغير وجه الاقتصاد المصري نحو نمو مستدام يصل إلى 4.2% في 2026، وفقًا لتوقعات البنك الدولي.

وهذا المشروع ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل رؤية لمصر كقوة عالمية في التجارة والطاقة الخضراء، ومع استمرار التنفيذ، من المتوقع أن يصبح جرجوب نموذجًا للمناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط، مدعومًا بدعم الرئيس السيسي والحكومة.  

تم نسخ الرابط