باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

المركزي المصري بين خفض الفائدة وتثبيتها.. ترقب حذر وسط ضغوط تضخمية

توقعات أسعار الفائدة
توقعات أسعار الفائدة

يشهد مجتمع المال والأعمال في مصر حالة من الترقب الكبير مع انعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اليوم، وسط جدل واسع حول مصير أسعار الفائدة، فالتوقعات تنقسم بين اتجاه نحو خفض جديد يتراوح بين 1% و2% أو تثبيت الفائدة عند مستوياتها الحالية لتفادي مخاطر تضخمية قد تتزايد في الفترة المقبلة.

قرارات العام الجاري 

منذ بداية عام 2025، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة 3 مرات متتالية بواقع إجمالي 5.25%، وكان آخر هذه التخفيضات في أغسطس الماضي بقرار جريء بخفض الفائدة 200 نقطة أساس دفعة واحدة، لتنخفض مستوياتها القياسية من 22% للإيداع و23% للإقراض إلى 16.75% و17.75% على التوالي، وهذه الخطوات جاءت في إطار سياسة توسعية تستهدف دعم النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمار والإقراض، بعد فترة طويلة من التشديد النقدي.

التضخم عامل حاسم

التوجه نحو التيسير النقدي اعتمد بالأساس على مؤشرات التضخم، حيث سجل معدل التضخم السنوي في الحضر 12% في أغسطس الماضي مقابل 13.9% في يوليو، وهو ما عكس بداية مسار نزولي يفتح المجال أمام المزيد من خفض الفائدة، إلا أن المتغيرات الأخيرة، وعلى رأسها التوقعات بزيادة أسعار البنزين والسولار خلال الأيام المقبلة، تفرض على المركزي معادلة أكثر تعقيداً، إذ قد تؤدي هذه الزيادة إلى عودة الضغوط السعرية وارتفاع معدلات التضخم مجدداً.

آراء الخبراء منقسمة

توقعت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، أن يتجه البنك المركزي لخفض جديد يتراوح بين 1% و1.5% في اجتماع اليوم، ليكون بذلك رابع خفض منذ بداية العام، مشيرة إلى أن هذا السيناريو يظل مرهوناً باستمرار التضخم في منحنى نزولي.

 وترى الدماطي أن خفض الفائدة يعزز مناخ الاستثمار ويدعم القطاع الخاص في ظل الحاجة الماسة لتنشيط النمو.

في المقابل، يرى مصطفي أمين الخبير المصرفي أن التوقيت قد لا يكون مناسباً لمزيد من التيسير النقدي. 

وأكد أن تثبيت الفائدة في الاجتماع الحالي سيكون الخيار الأكثر أماناً، خاصة مع الضغوط التضخمية المحتملة نتيجة الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود، مشيراً إلى أن المركزي قد يفضل مراقبة آثار هذه التطورات قبل اتخاذ قرار بخفض جديد.

التوازن بين النمو والاستقرار

المركزي المصري يجد نفسه اليوم أمام معادلة حساسة بين مواصلة دعم النمو عبر خفض تكلفة التمويل، وبين حماية الاستقرار النقدي عبر السيطرة على التضخم، فخفض الفائدة يعزز القدرة الشرائية للأفراد ويدعم الاقتراض والإنتاج، لكنه في الوقت ذاته قد يضعف جاذبية الجنيه أمام الدولار ويزيد من فاتورة الواردات، مما يعيد ضغوط الأسعار إلى الواجهة.

انعكاسات القرار على السوق

قرار المركزي اليوم ستكون له انعكاسات مباشرة على أسواق المال والبنوك. خفض الفائدة سيؤدي على الأرجح إلى تراجع العائد على أدوات الدين الحكومية ويزيد الإقبال على سوق الأسهم، في المقابل، تثبيت الفائدة سيبعث برسالة طمأنة للأسواق الدولية بأن السياسة النقدية ما زالت حذرة وتتجنب المخاطر، كما أن عملاء البنوك يترقبون القرار لما له من تأثير مباشر على أسعار الشهادات الادخارية والقروض الاستهلاكية والإسكانية.

وبغض النظر عن قرار اليوم، من الواضح أن السياسة النقدية للبنك المركزي ستظل مرنة خلال الأشهر المقبلة، متأثرة بمؤشرات التضخم وأسعار الطاقة وتدفقات النقد الأجنبي، وإذا نجح التضخم في الاستمرار عند مستويات منخفضة نسبياً، فإن خفضاً تدريجياً للفائدة سيظل مطروحاً لدعم النشاط الاقتصادي، أما إذا ظهرت موجات تضخمية جديدة بفعل الوقود أو تقلبات سعر الصرف، فقد يميل المركزي إلى تثبيت الفائدة لفترة أطول.

ويبقى قرار لجنة السياسة النقدية اليوم اختباراً جديداً لقدرة البنك المركزي على الموازنة بين استهداف النمو وحماية استقرار الأسعار، وهو التحدي الأكبر في مرحلة تشهد ضغوطاً محلية وخارجية متزايدة على الاقتصاد المصري.

تم نسخ الرابط