تحسن الجنيه المصري أمام الدولار… توقعات بخفض سعر الصرف وبناء احتياطيات قوية

يعيش سوق الصرف المصري حالة من الترقب في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها سعر الدولار أمام الجنيه، وسط إشارات إيجابية على تحسن الوضع الاقتصادي وعودة الثقة تدريجياً، فقد سجلت العملة المحلية خلال الأشهر الأخيرة أداءً أفضل من المتوقع، مدعومة بزيادة التدفقات الدولارية، وارتفاع عوائد السياحة، وتوسع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وهذه التطورات أعادت إلى الواجهة النقاش حول مستقبل سعر الصرف، والتأثيرات المحتملة على المواطنين والاقتصاد ككل.
توقعات الدولار
في هذا السياق، أكد هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، أن التقديرات تشير إلى إمكانية إنهاء سعر صرف الدولار العام الحالي عند مستوى 47 جنيهاً، مع احتمالية كسره بشكل طفيف، على أن يواصل التراجع وصولاً إلى 45 جنيهاً في عام 2026، إذا استمرت التدفقات الدولارية بنفس الوتيرة الحالية.
وأوضح جنينة في تصريحات خاصة لـ"سمارت فاينانس " أن زيادة المعروض من النقد الأجنبي تمثل عاملاً حاسماً في دعم استقرار السوق المحلي، مشيراً إلى أن البنك المركزي المصري قد يستفيد من هذه التطورات في إعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية، وهو ما يمنح الاقتصاد الوطني قدرة أكبر على مواجهة الصدمات الخارجية.
وأكد أن العوائد السياحية وتحويلات المصريين في الخارج، بجانب الاستثمارات الخليجية، تعد ركائز رئيسية لهذا الاتجاه.
صندوق النقد يشيد بتحسن الجنيه المصري
من جانبها، أبدت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، ارتياحها لارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار، معتبرة أن هذه التطورات تسهم في تحسين القوة الشرائية للمواطنين، وتساعد على تخفيف الأعباء التضخمية التي واجهتها مصر خلال العامين الماضيين.
وقالت: "من الجيد لمصر أننا الآن في وضع يستطيع فيه الجنيه شراء المزيد، وهو ما ينعكس مباشرة على معيشة المواطنين".
العوامل المحركة لسعر الصرف
ويرى خبراء الاقتصاد أن التحسن الأخير في قيمة الجنيه يرتبط بعدة عوامل رئيسية، من بينها:
- الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد.
- ارتفاع عوائد السياحة بدعم من تنوع المقاصد وزيادة أعداد الزائرين.
- زيادة الصادرات خاصة في القطاعات الصناعية والزراعية.
- توسع الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً من دول الخليج.
كما ساهمت سياسات البنك المركزي الأخيرة، خاصة خفض أسعار الفائدة تدريجياً، في زيادة جاذبية السوق المحلية للاستثمار، وتعزيز الثقة لدى المستثمرين الأجانب والمحليين.
بين التوقعات والواقع
وبينما تشير التقديرات المحلية إلى إمكانية هبوط الدولار إلى مستوى 47 جنيهاً بنهاية العام الحالي، تتفق المؤسسات الدولية على أن الاستقرار الحالي للجنيه يمثل بداية لتحسن تدريجي طويل الأمد، والشرط الأساسي لاستمرار هذا المسار يتمثل في استمرار التدفقات الدولارية وإدارتها بكفاءة لضمان عدم عودة الضغوط السابقة.
انعكاسات مباشرة على المواطنين
تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار ينعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للمصريين، من خلال:
- تراجع أسعار السلع المستوردة والغذاء.
- انخفاض تكلفة الإنتاج على المصانع والشركات.
- دعم القوة الشرائية للمواطنين وتقليل الأعباء المعيشية.
- تعزيز الاستقرار الاجتماعي عبر الحد من التضخم.
وتوضح المؤشرات الأخيرة أن مصر مقبلة على مرحلة أكثر استقراراً في سوق الصرف، إذا استمرت التدفقات الأجنبية في الارتفاع وتمكنت الحكومة من مواصلة الإصلاحات الاقتصادية، وبينما يراهن بعض الخبراء على هبوط الدولار إلى 45 جنيهاً في 2026، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذا التحسن بما ينعكس إيجابياً على معيشة المواطنين ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني.