باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية

العجلة رجعت تدور.. خروج شحنة ثانية من الغاز المصري إلى أوروبا | تفاصيل

تصدير الغاز الطبيعي
تصدير الغاز الطبيعي

في خطوة تعكس عودة مصر تدريجياً إلى دائرة تصدير الغاز الطبيعي بعد فترة من التحديات، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية اليوم عن خروج شحنة ثانية من الغاز الطبيعي المسال (LNG) من مجمع إدكو للإسالة، متجهة إلى تركيا.

وهذه الشحنة، التي تبلغ حجمها 150 ألف متر مكعب، تأتي على متن ناقلة "LNG ENDURANCE" التابعة للشركة الفرنسية "توتال إنرجيز"، وتمثل أول تصدير مباشر للغاز المصري إلى تركيا منذ 16 شهراً.

ومع تركيز أوروبا على تنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الاعتماد الروسي، يبرز هذا الحدث كدليل على تعزيز الشراكات الإقليمية، حيث تعتبر تركيا بوابة استراتيجية للوصول إلى أسواق القارة العجوز.

يأتي هذا التصدير في سياق تحسن مؤقت في الإنتاج المحلي، مدعوماً بتراجع الاستهلاك الموسمي داخل مصر، وفقاً لبيان الوزارة الرسمي.

وتعد هذه الشحنة الثانية في أكتوبر الحالي، بعد شحنة أخرى بلغت 155 ألف متر مكعب إلى إيطاليا على متن ناقلة "نيو نيتشر" التابعة لشركة "شل"، مما يرفع إجمالي الصادرات المصرية لهذا الشهر إلى أكثر من 300 ألف متر مكعب.

وفي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد المصري ضغوطاً مالية، ينظر إلى هذه الخطوة كفرصة لتعزيز الإيرادات بالعملة الصعبة، وسط خطط حكومية لاستيراد منتجات نفطية إضافية لتوفير الغاز للتصدير، ونستعرض كل التفاصيل، في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.

تفاصيل الشحنة الثانية من الغاز المصري

وغادرت الشحنة ميناء إدكو، الواقع على ساحل البحر المتوسط شمال غرب مصر، صباح أمس الثلاثاء 22 أكتوبر، ومن المتوقع وصولها إلى موانئ تركيا خلال أيام قليلة، ويشرف على عملية الإسالة مجمع إدكو، الذي تديره شركة "يو إن جي" المصرية بالشراكة مع "شل" و"توتال إنرجيز"، ويمتلك سعة إنتاجية تصل إلى 7.2 مليون طن سنوياً.

وهذه الشحنة الرابعة في عام 2025، بعد ثلاث شحنات سابقة إلى تايوان وأوروبا في أبريل وسبتمبر، تعد إنجازاً بعد توقف التصدير لأكثر من عام بسبب انخفاض الإنتاج المحلي وزيادة الطلب الداخلي.

وهذه الشحنة تأتي في إطار حوافز حكومية أعلنت في أغسطس 2024، تسمح للشركات الأجنبية بتصدير حصص من إنتاجها الجديد عبر المحطات المصرية، مع استخدام العائدات لسداد مستحقاتها.

كما أنها تعكس تعاوناً متزايداً مع "توتال إنرجيز"، التي استثمرت في تطوير حقول مصرية مثل "نوروس"، مما ساهم في زيادة الإنتاج بنسبة 4% خلال الربع الثالث من 2025.

الجدير بالذكر أن حجم الشحنة يعادل حوالي 70 ألف طن متري، بقيمة تقدر بنحو 50 مليون دولار بسعر السوق الحالي، الذي يتجاوز 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu).

الغاز الطبيعي
الغاز الطبيعي

عودة مصر إلى سوق التصدير

وشهد قطاع الغاز المصري تحولات دراماتيكية خلال السنوات الأخيرة، ومن كونه مصدراً صافياً في 2019-2023، أصبحت مصر مستورداً صافياً في 2024 بسبب تراجع الإنتاج من الحقول القديمة مثل "ظهر"، وارتفاع الطلب المحلي بنسبة 7% سنوياً لتوليد الكهرباء والصناعة.

ومع ذلك، عادت التصديرات في 2025 بفضل اكتشاف 18 حقلًا جديداً بين يوليو وأكتوبر، أنتجت 14 ألف برميل نفط يومياً و44 مليون قدم مكعب غازاً، بالإضافة إلى استثمارات بقيمة 5.7 مليار دولار في 480 بئر استكشافية على مدار خمس سنوات.

زواقتصادياً، يقدر أن تصدير هذه الشحنة سيساهم في سد جزء من العجز في الميزان التجاري، الذي بلغ 40 مليار دولار في 2024، وسط أزمة عملة أجنبية.

الشراكة المصرية التركية

وتعد تركيا وجهة استراتيجية لهذه الشحنة، حيث تمثل بوابة لأسواق أوروبا الجنوبية الشرقية، وسط جهود أنقرة لتنويع وارداتها الغازية التي تعتمد بنسبة 40% على روسيا.

ووفقاً لبيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، استوردت أنقرة 60 مليار متر مكعب غازاً في 2024، مع زيادة الاعتماد على الغاز المسال بنسبة 20%، وتعزز هذه الشحنة التقارب الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة، الذي بدأ في 2021 بعد سنوات من التوتر، وشمل اتفاقيات استكشاف مشتركة في المتوسط الشرقي.

وفي سياق أوسع، يدعم هذا التصدير مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي ومصر في 2023، التي تهدف إلى ضمان تدفق 50 مليار متر مكعب سنوياً إلى أوروبا عبر مصر.

ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات جيوسياسية، مثل التوترات حول خط أنابيب "إيست ميد"، الذي أوقفته الولايات المتحدة في 2022 بسبب معارضة تركيا، مما دفع إلى إعادة توجيه الغاز عبر مصر بدلاً منه.

كما أن تركيا، التي وقعت اتفاقيات مع الولايات المتحدة في سبتمبر 2025 لاستيراد 4 مليار متر مكعب LNG سنوياً من 2026، ترى في مصر شريكاً موثوقاً لتقليل الاعتماد على إيران وأذربيجان.

هل يستمر الدوران أم يتوقف؟

ومع اقتراب نهاية 2025، تتوقع وزارة البترول تصدير 5-7 شحنات إضافية في الربع الرابع، مدعومة بزيادة الواردات من دول الجوار بنسبة 100% إلى 1.25 مليار قدم مكعب يومياً.

ويمثل خروج هذه الشحنة "عودة العجلة للدوران"، كما يصفها مسؤولون مصريون، لكن الطريق أمام مصر طويل، ومع التركيز على الاستثمارات والشراكات، قد تصبح القاهرة مركزاً حقيقياً للغاز في المتوسط، مما يدعم الاقتصاد ويعزز أمن الطاقة الإقليمي.

تم نسخ الرابط