كيف تتأثر الأسواق العالمية في حال عدم انتهاء الحرب التجارية بين أمريكا والصين؟
في ظل تصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم، تبقى الأسواق العالمية في حالة ترقب وحذر شديدين، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق تمسّ سلاسل التوريد العالمية، وتضغط على أسعار الطاقة، والسلع، والعملات، وتُبطئ معدلات النمو الاقتصادي في مختلف الدول.
أعاد الاتفاق المبدئي الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جين بينغ الأمل مؤقتًا إلى الأسواق العالمية، لكن غياب اتفاق نهائي وشامل يُبقي التوتر التجاري قائمًا، وهو ما يثير تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة في حال فشل المفاوضات مجددًا.
تراجع معدلات النمو العالمي
يؤكد خبراء الاقتصاد أن استمرار الحرب التجارية سيؤدي إلى تراجع معدلات النمو العالمي بنسبة قد تصل إلى 1% خلال عام واحد، نتيجة تباطؤ حركة التجارة الدولية، وتراجع الصادرات الصناعية من الصين والولايات المتحدة، ما ينعكس على اقتصادات أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
اضطراب الأسواق المالية والطاقة
عدم التوصل لاتفاق نهائي قد يثير موجات من التقلبات في أسواق الأسهم والعملات، حيث سيتجه المستثمرون إلى الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار الأمريكي وسندات الخزانة، وقد شهدت الأسواق في فترات سابقة من التوتر التجاري هبوطًا حادًا في مؤشرات البورصات الأمريكية والآسيوية، مع تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين.
استمرار التوتر التجاري يعني تباطؤ الطلب العالمي على النفط والمواد الخام، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار، في حين ستشهد بعض السلع الغذائية ارتفاعًا بسبب اضطراب سلاسل الإمداد بين الصين والولايات المتحدة، وخاصة منتجات الزراعة والتكنولوجيا.
تأثر العملات والأسواق الناشئة
العملات في الأسواق الناشئة، ومن بينها الجنيه المصري والليرة التركية والبيزو المكسيكي، قد تواجه ضغوطًا متزايدة في حال تصاعد النزاع التجاري، إذ يؤدي ارتفاع الدولار نتيجة توجه المستثمرين للأصول الآمنة إلى زيادة تكلفة الواردات والديون الخارجية على تلك الدول.
مع استمرار الحرب التجارية، تسعى الشركات متعددة الجنسيات إلى نقل مصانعها من الصين إلى دول أخرى مثل فيتنام والهند وإندونيسيا لتفادي الرسوم الجمركية الأمريكية، وهو ما سيؤدي إلى تحول هيكلي في خريطة التصنيع العالمية خلال السنوات المقبلة.
الصراع يتجاوز الاقتصاد
يرى محللون أن الخلاف بين واشنطن وبكين لم يعد مجرد نزاع تجاري، بل صراع على القيادة التكنولوجية والاقتصادية العالمية. فالولايات المتحدة تحاول الحد من تقدم الصين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، بينما تسعى بكين إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي لتقليل الاعتماد على الغرب.
ويُجمع الخبراء على أن استمرار الحرب التجارية سيُبقي الاقتصاد العالمي في مرحلة ضبابية طويلة، حيث تتأرجح الأسواق بين التفاؤل الحذر والتخوف من تصعيد جديد، وفي حال فشل واشنطن وبكين في التوصل لاتفاق شامل، فقد يشهد العالم تباطؤًا في التجارة الدولية وارتفاعًا في معدلات التضخم، إضافة إلى تراجع ثقة المستثمرين وتقلّص الاستثمارات العابرة للحدود.
وفي المقابل، فإن نجاح المفاوضات والوصول إلى اتفاق دائم من شأنه أن ينعش الأسواق العالمية ويُعيد الاستقرار إلى النظام التجاري الدولي، خاصة بعد سنوات من الاضطراب وعدم اليقين.