تحسن الأصول الأجنبية يعزز استقرار الجنيه.. وخبير: الدولة قادرة على تغطية الالتزامات

الجنيه المصري يرتفع
الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار

يشهد الاقتصاد المصري مرحلة جديدة من الاستقرار النقدي مدعومة بارتفاع واضح في صافي الأصول الأجنبية بالبنوك المحلية، ما يعكس تحسنًا في قدرة الجهاز المصرفي على توفير السيولة الدولارية وتغطية الالتزامات الخارجية في مواعيدها، وهذا التطور يأتي بالتوازي مع جهود الحكومة لتعزيز موارد النقد الأجنبي من خلال زيادة الصادرات، وتنشيط السياحة، وتشجيع الاستثمار المباشر، في وقت تراقب فيه الأسواق عن كثب أداء الجنيه المصري وسعر صرفه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة.

وقال طارق متولي، الخبير المصرفي، إن ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك “يعد مؤشرًا مهمًا على استقرار سوق الصرف المحلي، ويعكس تحسن وضع العملة الأجنبية داخل الجهاز المصرفي”، موضحًا أن “صافي الاحتياطي الأجنبي وصل إلى 20.78 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2020، مما يؤكد قوة الأصول الأجنبية مقارنة بالالتزامات الخارجية”.

وأضاف متولي أن هذا التحسن “يعني أن جميع الالتزامات الخارجية أصبحت مغطاة بالكامل، وهو ما ينعكس إيجابيًا على استقرار سعر الصرف الداخلي، ويزيد من ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في أداء الاقتصاد المصري”. 

كما أشار إلى أن “كلما زادت نسبة الأصول الأجنبية المستدامة، انعكس ذلك على استقرار سوق الصرف وأسعار الدولار”، مؤكدًا أن هذا التطور يمنح صناع القرار النقدي مساحة أكبر للتحرك بثقة في إدارة السياسة المالية.

وأوضح متولي أن الدولة قادرة على تغطية نحو 8 مليارات دولار من المستحقات الخارجية المستحقة خلال الفترة من ديسمبر وحتى مطلع العام المقبل، بفضل تحسن المؤشرات الاقتصادية وتنوع مصادر النقد الأجنبي، متوقعًا أن تتراجع هذه الالتزامات تدريجيًا خلال عامي 2026 و2027 مع استمرار تدفقات الاستثمار وتحسن الميزان التجاري.

وفي سياق متصل، شدد الخبير المصرفي على أن تحقيق الاستقرار الدائم لسوق الصرف يتطلب تحولًا في بنية الاقتصاد من الاعتماد على الأموال الساخنة قصيرة الأجل إلى جذب استثمارات مباشرة طويلة الأجل، وهو ما يتطلب تهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية للقطاع الخاص، وخروج الدولة تدريجيًا من بعض الأنشطة الاقتصادية غير الاستراتيجية.

وأشار متولي إلى أن مصر شهدت مؤخرًا تحسنًا في مواردها الدولارية نتيجة زيادة إيرادات السياحة وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تحسن أداء الصادرات، وهو ما ساهم في تعزيز الاحتياطي الأجنبي وتحقيق توازن نسبي بين العرض والطلب على الدولار.

وأضاف أن استمرار هذا التحسن يتطلب سياسات مالية مرنة، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات، بما يدعم الجنيه على المدى الطويل. كما دعا إلى ضرورة “استثمار هذا الظرف الإيجابي في تمكين القطاع الخاص من التوسع في الإنتاج والتصدير، بما يخلق فرص عمل ويزيد من تدفقات العملة الأجنبية بشكل مستدام”.

يأتي هذا التحسن في وقت استعاد فيه الجنيه المصري جزءًا من قوته أمام الدولار خلال النصف الثاني من عام 2025، بعد فترة من الضغوط المرتبطة بالتقلبات العالمية في أسعار السلع والطاقة. وقد استفادت العملة المصرية من رفع وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى “B”، وهو ما اعتُبر مؤشرًا قويًا على تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري.

كما ساهمت الإجراءات الحكومية الأخيرة في ضبط سوق الصرف، وتوفير موارد إضافية للنقد الأجنبي عبر برامج استثمارية وتمويلات تنموية، أبرزها اتفاقات تعاون مع مؤسسات عربية ودولية، ومبادرات لدعم الصادرات الصناعية والزراعية.

ويؤكد محللون أن الاتجاه الحالي يعكس تحسن ثقة الأسواق الدولية في الاقتصاد المصري، خاصة مع التزام الدولة بسداد التزاماتها في مواعيدها دون تأخير، وتزايد احتياطاتها الأجنبية بوتيرة مستقرة. ومن المتوقع أن يشهد العام المقبل مزيدًا من التدفقات الاستثمارية المباشرة مع تطبيق سياسات إصلاح هيكلي تستهدف تحفيز القطاع الخاص وتعزيز تنافسية الاقتصاد.

تم نسخ الرابط