ثورة الغاز الطبيعي تنطلق من جديد في مصر.. مشروعات عملاقة واستحواذات وتنقيب
في ظل التحديات الاقتصادية والطلب المتزايد على الطاقة، يشهد قطاع الغاز الطبيعي في مصر طفرة جديدة، مدفوعة بمشاريع عملاقة لتطوير الحقول، صفقات استحواذ وشراكات دولية بمليارات الدولارات، وجهود تنقيب مكثفة في البحر المتوسط.
ووفقًا لتقارير وزارة البترول والثروة المعدنية، يهدف البرنامج الاستكشافي لعام 2025 إلى زيادة الإنتاج اليومي إلى 6 مليارات قدم مكعب، مقابل 4.6 مليار حاليًا، مما يوفر نحو 1.5 مليار دولار من واردات الغاز المسال (LNG).
وهذه "الثورة" تأتي بعد تراجع الإنتاج بنسبة 40% منذ 2021، وتعيد تشكيل دور مصر كمركز إقليمي للطاقة، مع التركيز على الشراكات مع عمالقة مثل إكسون موبيل وبي بي، وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيلها.
مشروعات عملاقة في الغاز الطبيعي
ويعد عام 2025 عامًا حاسمًا لمشاريع الغاز في مصر، حيث أعلنت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) عن سبعة مشاريع تنموية رئيسية للعام المالي 2025/2026، باستثمارات تصل إلى مليارات الدولارات.
وأبرزها تطوير حقل ظهر، أكبر حقل غازي في البحر المتوسط، حيث أنتجت البئر الجديدة ظهر-9 نحو 70 مليون قدم مكعب يوميًا بعد اكتمال الحفر في أكتوبر، مما يعزز الإمداد المحلي ويقلل التكاليف الاستيرادية.
كما أطلقت شركة إيني الإيطالية، الشريك الرئيسي في ظهر، برنامج حفر بئرين جديدين في الربع الأول، لإضافة 220 مليون قدم مكعب يوميًا، مع توقعات بعودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة (حوالي 2.5 مليار قدم مكعب يوميًا) بحلول منتصف العام.
وفي الدلتا الغربية، يتقدم مشروع غرب البرلس بقيادة شيرون بتروليوم (سابقًا بيكو)، الذي يستهدف إنتاج 150 مليون قدم مكعب يوميًا بنهاية 2025 عبر حفر 7 آبار استكشافية، بما في ذلك البئر الأولى التي بدأت في يوليو بطاقة 70 مليون قدم مكعب.
وكذلك، أطلقت وزارة البترول المراحل 10 و11 من حقول رشيد والبرلس مع شل وبتروناس، باستثمار 575 مليون دولار لحفر 6 آبار، مضيفة 300 مليون قدم مكعب غاز و500 برميل مكثفات يوميًا.
أما مشروع حقل الأمل في خليج السويس، فيسعى لإنتاج 50 مليون قدم مكعب يوميًا عبر المرحلة الثانية، بتكلفة 84.5 مليون دولار.
وهذه المشاريع، التي تجاوزت استثماراتها 5 مليارات دولار في النصف الأول من 2025، تستهدف ربط 6 حقول جديدة على الشبكة القومية، مما يرفع الإنتاج الإجمالي بنسبة 30% ويحقق الاكتفاء الذاتي الجزئي.

شراكات استراتيجية وصفقات بمليارات الدولارات
وشهد 2025 ارتفاعًا في صفقات الاستحواذ والشراكات، بلغت قيمتها أكثر من 3.7 مليار دولار، لتعزيز الاستكشاف والإنتاج.
وأبرزها اتفاقية إيجاس مع إكسون موبيل في 4 نوفمبر، على هامش مؤتمر أديبيك 2025 في أبوظبي، لتوسيع التنقيب في البحر المتوسط، بما في ذلك حفر آبار جديدة في بلوكات مصري وقاهرة البحري، وتطوير اكتشاف "نفرتاري-1" في شمال ماراقيا.
وهذه الشراكة تضيف رابع امتياز بحري لإكسون، غرب حقل ظهر، مما يعكس ثقة الشركة في المناخ الاستثماري المصري.
كما وقعت إيجاس أربع اتفاقيات بقيمة 340 مليون دولار في أغسطس، تشمل شل (120 مليون دولار لحفر 3 آبار في ميرنيث البحري)، إيني (100 مليون دولار في شرق بورسعيد)، زاروبيجنيفت (14 مليون دولار في شمال الخطاطبا)، وأرسيوس إنرجي (109 مليون دولار في شمال دمياط).
وفي فبراير، أبرمت مصر صفقات LNG بـ3 مليار دولار مع شل وتوتال إنرجيز لـ60 شحنة تغطي الطلب السنوي، بينما في مايو، تفاوضت لشراء 40-60 شحنة إضافية لمواجهة الذروة الصيفية.
أما في أكتوبر، وقعت قطر إنرجي اتفاقية مع إيني لامتياز شمال رفح البحري، للحفر 3 آبار في 2026 ضمن 6 امتيازات بحرية، باستثمارات كبيرة لتعزيز الإنتاج.
وهذه الصفقات، مدعومة بسداد 500 مليون دولار من المتأخرات وخطة لـ620 مليون إضافية بنهاية العام، قلصت عدد الشركاء الكبار وأعادت مصر كلاعب رئيسي في سوق الغاز.
اكتشافات جديدة وبرامج حفر مكثفة
ويشكل التنقيب عماد الثورة، حيث حفرت 77 بئرًا استكشافية من يناير إلى أكتوبر 2025، مكتشفة 14 حقل غاز باحتياطيات 680 مليار قدم مكعب.
وفي سبتمبر، وقعت بي بي مذكرة تفاهم مع إيجاس لحفر 5 آبار بحرية عميقة (300-1500 متر) في الدلتا الغربية، تبدأ في 2026، لربط الإنتاج بمنشآت غرب النيل.
وفي أكتوبر، أكملت بي بي اكتشافي فيوم-5 وكينج-2، مضيفة موارد هائلة.
وأعلنت إيجاس عن 29 اكتشافًا في 2024/2025 عبر المتوسط والصحراء الغربية، مع خطط لـ5 بلوكات بحرية جديدة في النصف الأول من 2025/2026.
كما وقعت تشيفرون مذكرة لتطوير حقل أفروديتي القبرصي لتوريد غاز إلى مصر، وأعلنت إيني عن بئر دينيس W-1X قبالة بورسعيد بعمق 4200 متر.
وهذه الجهود، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، رفعت الاحتياطيات بنسبة 5%، مع استثمارات 1.6 مليار دولار في 5 امتيازات موجودة لـ2026-2027.
التأثيرات الاقتصادية والبيئية
وتعزز هذه الثورة الاقتصاد المصري، حيث يتوقع توفير 1.5 مليار دولار من الاستيراد، وزيادة الصادرات إلى أوروبا عبر اتفاقيات مثل كرونوس القبرصية في أكتوبر.
ومع ذلك، يواجه القطاع تحديات بيئية، إذ يُنتقد الغاز بسبب انبعاثات الميثان، مما دفع شركات مثل تشيفرون إلى دمج تقنيات التقاط الكربون.
كما خفضت مصر هدف الطاقة المتجددة إلى 40% بحلول 2040 للتركيز على الغاز كوقود انتقالي.
ومع اقتراب نهاية 2025، تؤكد ثورة الغاز في مصر على إمكانياتها كمحرك نمو، مدعومة بمشاريع عملاقة وشراكات استراتيجية.