ارتفاع الاحتياطي النقدي في مصر.. يخفف ضغوط سوق الصرف
شهد الاقتصاد المصري خلال شهر أكتوبر 2025 تطورًا لافتًا بعد إعلان البنك المركزي ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى أكثر من 50 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2019، وهذا الارتفاع يعكس تحسن قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وتعزيز استقرار السوق النقدية، وسط توقعات بمزيد من تدفقات العملة الصعبة من الاستثمارات الأجنبية، وتحويلات العاملين بالخارج، وارتفاع عائدات الصادرات والسياحة.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التطور يشكل نقطة تحول في مسار سعر الصرف، إذ يخفف الضغط على الجنيه المصري ويمنح البنك المركزي مساحة أوسع لإدارة سوق الصرف بمرونة، مما قد ينعكس على معدلات التضخم وتكلفة الواردات وأسعار السلع المحلية.
زيادة الاحتياطي النقدي ترفع ثقة الجنيه
أكد الدكتور محمد كمال، الخبير الاقتصادي، أن تجاوز الاحتياطي النقدي لمصر حاجز 50 مليار دولار يعزز من قدرة الدولة على تغطية الواردات لأكثر من 7 أشهر، وهو ما يمثل مؤشر أمان اقتصادي مهم في ظل التقلبات العالمية.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"سمارت فاينانس"، أن زيادة الاحتياطي النقدي تمنح البنك المركزي قدرة أكبر على إدارة سعر الصرف وامتصاص الصدمات، سواء الناتجة عن تقلبات أسعار النفط أو تحركات الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن هذا التحسن سينعكس تدريجيًا على قيمة الجنيه المصري مع تراجع الضغوط الدولارية.
وأضاف كمال أن تحسن الاحتياطي من شأنه أن يؤدي إلى خفض كلفة الواردات وتراجع الأسعار، ما ينعكس على معدلات التضخم بشكل مباشر، فضلًا عن زيادة جاذبية السوق المصرية للاستثمارات الأجنبية الباحثة عن بيئة اقتصادية مستقرة وسعر صرف مستقر، مؤكداً أن “استمرار تدفق النقد الأجنبي سيجعل استقرار الجنيه مسارًا طويل الأمد وليس مؤقتًا”.
الاستقرار المالي
وفي السياق ذاته، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 50.07 مليار دولار بنهاية أكتوبر يمثل بداية موجة جديدة من الاستقرار المالي والنقدي في مصر.
وأوضح غراب أن الاحتياطي مرشح للزيادة خلال الفترة المقبلة مع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وعلى رأسها الصفقة القطرية المصرية، إضافة إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي وصلت خلال أول 8 أشهر من عام 2025 إلى 26.6 مليار دولار.
وأشار إلى أن زيادة الاحتياطيات الدولية تسهم في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي وتدعم تحسن قيمة العملة المحلية، متوقعًا أن يتراجع سعر صرف الدولار إلى نحو 45 جنيهًا خلال الأشهر القادمة.
وأضاف أن هذا الارتفاع في الاحتياطي يسهم في خفض تكلفة الإنتاج من خلال زيادة الإفراجات الجمركية وتوفير العملة الصعبة للمصنعين، ما يؤدي إلى زيادة المعروض من السلع وتراجع الأسعار تدريجيًا، بجانب دعم خطة الدولة في تعميق المنتج المحلي وتقليل فاتورة الواردات وزيادة الصادرات، الأمر الذي يسهم في تنشيط الاقتصاد المصري ورفع الدخل القومي بالعملة الصعبة.
يؤكد الخبراء أن الاحتياطي النقدي الضخم أصبح أحد أبرز ركائز استقرار الاقتصاد المصري في المرحلة الحالية، إذ يوفر قاعدة مالية قوية لدعم الجنيه وتقليص الضغوط التضخمية.

