الصفقة التاريخية التي طال انتظارها.. لماذا اشترت مصر الوقود النووي من روسيا؟
في خطوة تاريخية تزامنت مع الاحتفال بيوم الطاقة النووية المصرية، وقعت مصر اتفاقية شراء وقود نووي للمفاعل الأول في محطة الضبعة النووية مع الشركة الروسية روساتوم.
وهذه الصفقة، التي حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر الفيديو كونفرانس، تمثل نقلة نوعية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة النظيفة، وسط تزايد الطلب العالمي على الطاقة النووية كبديل مستدام للوقود الأحفوري.
ولكن ما هو هذا الوقود النووي الذي أصبح محور الاهتمام؟ وكيف يُستخدم في توليد الطاقة وغيرها من التطبيقات؟، هذا ما نستعرضه لكم في هذا التقرير، من سمارت فاينانس.
صفقة مصر النووية مع روسيا 2025
وشهد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر، توقيع أمر شراء الوقود النووي لنواة المفاعل الأول في محطة الضبعة، وهي المحطة النووية الأولى في مصر، والتي تبعد حوالي 320 كيلومترًا شمال غرب القاهرة.
والاتفاقية، التي وقعتها هيئة الطاقة الذرية المصرية مع روساتوم، تشمل توريد الوقود النووي الكامل للمفاعل VVER-1200 من الجيل الثالث+، والذي يعد من أحدث التقنيات النووية العالمية بفضل أمانه العالي وكفاءته في تقليل الانبعاثات الكربونية.
كما تضمنت الصفقة اتفاقية تعاون شاملة تغطي التدريب، الصيانة، وتطوير التقنيات النووية المحلية.
وحسب بيانات الهيئة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، فإن هذه الخطوة تعزز من استعداد المشروع للتشغيل التجريبي في عام 2028، حيث من المتوقع أن تنتج المحطة 4800 ميجاواط من الكهرباء، تغطي نحو 10% من احتياجات مصر الطاقية.
والرئيس السيسي أكد في خطابه، أن هذه الصفقة "خطوة نحو مستقبل طاقة مستدام"، مشيرًا إلى تركيب وعاء الضغط للمفاعل الأول، الذي تم الاحتفاء به بالتزامن مع التوقيع.
وهذا الاتفاق يأتي في سياق تعزيز الشراكة المصرية-الروسية، التي بدأت منذ 2017، ويعد رمزًا للثقة في الطاقة النووية كحل لأزمات الطاقة العالمية في 2025، خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 15% هذا العام.
ما هو الوقود النووي؟
والوقود النووي ببساطة، هو أي مادة قابلة للانشطار النووي، أي تلك التي تتحلل داخل نواة الذرة لإطلاق طاقة هائلة.
والنوع الأكثر شيوعًا هو اليورانيوم-235 (U-235)، الذي يستخرج من خام اليورانيوم الطبيعي ويخصب إلى مستويات تصل إلى 3-5% للاستخدام السلمي، كما في مفاعلات الطاقة.
ووفقًا لتقرير IAEA لعام 2025 حول التكنولوجيا النووية، يصنع الوقود على شكل حبيبات صلبة تحمل في أنابيب معدنية داخل المفاعلات، حيث يحدث تفاعل الانشطار المتسلسل لتسخين الماء وإنتاج البخار الذي يدير التوربينات.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت التكنولوجيا تطورات ملحوظة، على سبيل المثال، أصبح استخدام الوقود عالي التركيز المنخفض (HALEU) شائعًا في المفاعلات المتقدمة، حيث يصل التعزيز إلى 19.75% لزيادة الكفاءة بنسبة 30% مقارنة بالوقود التقليدي.

كما برز الثوريوم كبديل واعد، خاصة في مشاريع مثل مفاعل BN-1200 الروسي الذي بدأ بناؤه في يوليو 2025، إذ يقلل من النفايات الإشعاعية ويوفر طاقة أكثر أمانًا.
وهذه التحديثات تجعل الوقود النووي ليس مجرد مصدر طاقة، بل عنصرًا أساسيًا في مكافحة التغير المناخي، حيث ساهمت الطاقة النووية في خفض الانبعاثات العالمية بـ2.5 جيجاطن من ثاني أكسيد الكربون في 2025 وحدها.
من الإنتاج إلى إعادة التدوير
وتبدأ دورة الوقود النووي بالتعدين والطحن، ثم التعزيز باستخدام تقنيات الطرد المركزي المتطورة، وتصنيعه إلى ألواح وقود.
وداخل المفاعل، يستمر لمدة 3-5 سنوات قبل أن يصبح "مستعملًا"، حيث يحتوي على بلوتونيوم-239 القابل لإعادة الاستخدام.
وفي 2025، أصبحت دورة الوقود المغلقة قياسية في دول مثل روسيا وفرنسا، حيث يعاد تدوير 96% من الوقود المستعمل، مما يواجه نقص اليورانيوم المتوقع بحلول 2040.
وتقرير IAEA الأخير يؤكد أن هذه الدورة تقلل التكاليف بنسبة 20% وتدعم الاستدامة، كما في مشروع يورنكو العالمي الذي يسيطر على 40% من سوق الوقود النووي.
استخدامات الوقود النووي في 2025
ويستخدم الوقود النووي أساسًا لتوليد الكهرباء، حيث يغطي 10% من الطلب العالمي، مع طفرة في الإنتاج بلغت 5% في 2025 بفضل مفاعلات صغيرة غير معيارية مثل "لو-إكس" الأمريكية لمراكز البيانات.
وفي الطب، ينتج نظائر إشعاعية للعلاج السرطاني والتصوير الطبي، مساهمًا في علاج 40 مليون مريض سنويًا.
أما في الصناعة، فيستخدم لفحص المواد وتعقيم الطعام، بينما في البحث، يدعم تجارب الاندماج النووي التي حققت تقدمًا في 2025 بإنتاج طاقة صافية لأول مرة في مختبرات أوروبية.
وفي المنطقة العربية، تركز استخداماته على الطاقة السلمية، كما في الإمارات والسعودية، مع مشاريع جديدة للثوريوم كوقود بديل يحقق الاكتفاء الذاتي.
فوائد الوقود النووي في مصر
وتوفر الطاقة النووية فوائد هائلة لمصر، مثل توفير 4 ملايين طن من الوقود الأحفوري سنويًا وخلق 20 ألف فرصة عمل.
ورغم أنها تواجه تحديات أمنية وإشعاعية، تضمن تقنيات 2025 مثل الذكاء الاصطناعي في الرصد أمانًا أعلى بنسبة 50%.
مع توقيع أمر الشراء، أصبح الوقود النووي ركيزة استراتيجية لمصر، يجسد التوازن بين الابتكار العلمي والتنمية المستدامة، حيث سيستخدم في تشغيل مفاعل الضبعة النووي.