مصر تعزز رهاناتها على الطاقة النووية لتأمين الكهرباء وخفض الانبعاثات الكربونية
في ظل التحديات العالمية المتعلقة بأمن الطاقة وتغير المناخ، تتجه مصر بقوة نحو توسيع الاعتماد على الطاقة النووية كمصدر أساسي للكهرباء، وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة في قطاع الطاقة، حيث تبرز الحاجة إلى مزيج متوازن من مصادر الطاقة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، مع تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود الأحفوري، ويعد هذا التوجه جزءاً من استراتيجية مصرية شاملة لتحقيق الاستدامة الطاقية والتكيف مع المتغيرات المناخية العالمية.
وأكد الدكتور علي إسلام، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، أن "أمن الطاقة في مصر يجب أن يمثل بين 10 و15% من الاحتياجات الوطنية"، مشيراً إلى أن الطاقة النووية تتميز بثباتها وقدرتها على التشغيل المستمر، حيث من الصعب تعديل إنتاجها بنسبة تصل إلى 95%.
وأوضح إسلام أن الاعتماد على البترول والفحم له تأثير بالغ على المناخ، بينما توفر المحطات النووية فرصة حقيقية لتقليل الانبعاثات، مضيفاً: "تشغيل أربعة مفاعلات في محطة الضبعة النووية سيتيح توفير نحو 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما سيكون له أثر بالغ في الحد من تغير المناخ".
وأضاف إسلام أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد دعا في مؤتمر حديث إلى مضاعفة الاعتماد على الحلول النووية حتى عام 2050 ثلاث مرات، مشيراً إلى أن التغيرات الحالية في قطاع الطاقة غير قابلة للرجوع، ما يجعل التركيز على الطاقة النووية أمراً حتمياً في خطط المستقبل.
وأكد أن مصر تتمتع بميزة طبيعية مهمة، تشمل سطوع الشمس وسرعة الرياح، ما يوفر فرصاً كبيرة للاستثمار في الطاقات المتجددة، لكنه شدد على أن هذه المصادر وحدها لا تكفي لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء.
وبحسب خبراء الطاقة، فإن التوسع في المحطات النووية لن يقتصر على الجانب البيئي فقط، بل سيمثل دعماً للأمن الطاقي والاقتصادي للبلاد، من خلال تقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري، واستقرار أسعار الكهرباء للمستهلكين، وتوفير قاعدة صلبة لتنمية الصناعات الثقيلة والمناطق الاقتصادية الجديدة.
كما أن الاستثمار في الطاقة النووية يُعد ركيزة أساسية لتعزيز القدرات العلمية والتكنولوجية الوطنية، وإيجاد فرص عمل متخصصة في مجالات الهندسة النووية والإدارة التشغيلية للمفاعلات.
مع هذه الرؤية، تؤكد مصر التزامها بخططها لتطوير منظومة الطاقة الوطنية، وتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، وضمان توافر الكهرباء بكفاءة وأمان للأجيال القادمة، في خطوة استراتيجية تُعيد رسم خريطة الطاقة على المدى الطويل.

