أسعار الأراضي الزراعية في مصر تشتعل.. والإيجارات وصلت لمستوى قياسي مرعب

الأراضي الزراعية
الأراضي الزراعية

في ظل التحديات الاقتصادية المتسارعة، يشهد سوق الأراضي الزراعية في مصر تحولاً جذرياً هذا العام، حيث ارتفعت أسعار إيجارات الفدان الزراعي إلى مستويات قياسية، حيث وصلت في بعض المناطق إلى 125 ألف جنيه سنوياً، مما يعكس ضغوطاً متزايدة على المزارعين والمستثمرين.

وهذا الارتفاع، الذي يفوق الـ75% في بعض الحالات، يأتي مدفوعاً بزيادة أسعار المحاصيل التصديرية وندرة الأراضي الخصبة، لكنه يثير مخاوف من تهميش الفلاحين التقليديين.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل وفقًا للخبراء والتقارير الميدانية.

أسعار إيجار الأراضي الزراعية في مصر

وشهدت أسعار إيجار الأراضي الزراعية في مصر قفزات غير مسبوقة خلال 2025، مع تباين واضح بين المناطق والمحاصيل.

وفي دلتا النيل، التي تمثل النواة الزراعية للبلاد، ارتفع إيجار الفدان في محافظة الغربية من 6-8 آلاف جنيه قبل عقد من الزمن إلى 30-45 ألف جنيه حالياً.

وأما في الشرقية، خاصة مركز منيا القمح، فيصل إيجار القيراط إلى 1350-1550 جنيهاً، أي ما يعادل نحو 28.8 ألف جنيه للفدان الواحد.

وفي القليوبية، يصل الإيجار إلى 50 ألف جنيه لزراعة الكتان، وهو أحد المحاصيل التقليدية في المنطقة، أما المحاصيل التصديرية، فهي الأكثر تأثراً.

وإيجار الأراضي المخصصة للفراولة، التي تعد من أبرز الصادرات المصرية، يصل إلى 90-125 ألف جنيه للفدان، بزيادة بنسبة 50% عن العام الماضي.

وكذلك، ارتفع إيجار أراضي البطاطا الحلوة في دمياط وكفر الشيخ بنسبة 25% في 2024 و50% إضافية في 2025.

وعلى الصعيد العام، يتراوح إيجار الفدان الزراعي العادي بين 40-50 ألف جنيه سنوياً، بينما ينخفض إلى 20.5-25.5 ألف لزراعة الأرز، و26 ألفاً للبصل أو أعلاف الماشية، و18 ألفاً للقمح كأقل التكاليف.
وبالنسبة لأسعار البيع، بلغت في الدلتا 1.5-2 مليون جنيه للفدان، مقارنة بـ60 ألف جنيه قبل 10 سنوات، مما يعكس تحولاً استثمارياً يفوق الاستخدام الزراعي التقليدي.

وهذه الأرقام، المستمدة من تقارير ميدانية حديثة، تؤكد أن الإيجارات وصلت إلى "مستوى قياسي"، كما وصفها خبراء القطاع.

أسباب الارتفاع في أسعار الإيجارات الزراعية 2025

ولا يأتي هذا الارتفاع من فراغ، بل هو نتيجة عوامل مترابطة، أولاً، زيادة أسعار المحاصيل بنسبة تصل إلى 100%، فمثلاً، قفز سعر طن الأرز من 5-6 آلاف جنيه في 2020 إلى 13-14 ألفاً في 2021، واستمر الاتجاه مع ارتفاع التضخم.

وهذا دفع ملاك الأراضي إلى المطالبة بحصة أكبر من الأرباح، خاصة في محاصيل التصدير مثل الفراولة التي تتطلب استثمارات عالية في الري والتسميد.

الأراضي الزراعية
الأراضي الزراعية

وثانياً، المنافسة الشديدة على الأراضي المحدودة؛ مصر تمتلك 9.5 مليون فدان فقط، معظمها في الدلتا، بينما يتوقع أن تصل الصادرات الزراعية إلى 9 ملايين طن في 2025، بزيادة 260% عن 2015.

وهذا الطلب العالمي، مدعوماً بسياسات حكومية تشجع التصدير، أدى إلى ندرة الأراضي الجيدة.

كما ساهمت سياسات تسعير وزارة الري في رفع الإيجارات؛ ففي 2024، بدأت التسعير بناءً على الطلب، مما رفع إيجار أراضيها من 4000 جنيه إلى 30 ألف، وفي 2025 إلى 28.8 ألف جنيه للفدان بزيادة 77%.
وثالثاً، التغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، بما في ذلك التضخم وتقلبات العملة، جعلت الاستثمار الزراعي ملاذاً آمناً، خاصة للشباب والمستثمرين الصغار الذين يفضلون الإيجار على الشراء لتقليل التكاليف.

ومع ذلك، أدى هذا إلى ضغط على صغار المزارعين، الذين يشكلون 80% من القطاع، حيث أجبرهم الارتفاع على ترك الأراضي أو اللجوء إلى عقود عرفية غير مضمونة.

تأثير ارتفاع أسعار الأراضي الزراعية على الاقتصاد والمزارعين في 2025

ويحمل هذا الارتفاع آثاراً مزدوجة، وإيجابياً يعزز الاستثمار في الزراعة الحديثة، حيث تستفيد الشركات الكبرى من عقود إيجار طويلة الأمد لتوسيع الإنتاج التصديري.

وعلى سبيل المثال، أكدت شركات مثل "جي فريش" أن الإيجار يقلل التكاليف بنسبة 60% مقارنة بالشراء، مما يدعم هدف الحكومة في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي بنسبة 80% في الغذاء.

كما أن مشاريع مثل "الريف المصري" (1.5 مليون فدان) و"مستقبل مصر" (2 مليون فدان) ستزيد المعروض، مما قد يخفف الضغط في السنوات القادمة إذا توفرت المياه.

وسلبياً، يهدد الارتفاع بتهميش الفلاحين التقليديين، وحسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، حذر من انخفاض عددهم بسبب التكاليف المرتفعة، مشيراً إلى أن "الإيجارات أصبحت عبئاً لا يحتمل".

كما أشار عماد مهدي، رئيس شركة الفيروز، إلى أن المنافسة على أراضي الفراولة أدت إلى تقلبات في الأسعار، رغم انخفاض عوائد التصدير بنسبة 60%.

وفي الوقت نفسه، أكد علي عيسى، مستثمر زراعي، أن الاستثمار ما زال مربحاً طويل الأمد، بشرط التخطيط الجيد.

بين الفرص والتحديات في سوق الأراضي الزراعية 2025

ويختلف الخبراء في تقييمهم، ومحمد عرفة، مزارع في الدلتا، يرى أن ملاك الأراضي "يستغلون ارتفاع أسعار المحاصيل لزيادة حصتهم"، مما يقلل من صافي أرباح المستأجرين.

أما جيهان الشريف، مديرة احدى الشركات الزراعية، فتؤكد أن "التوسع في المحاصيل التصديرية يدفع الأسعار، لكن الإيجار طويل الأمد يضمن الاستقرار".

وأضاف محسن البلتاجي، رئيس جمعية الحاصلات البستانية، أن "ندرة الأراضي الجيدة والطلب العالمي هما السببان الرئيسيان، ويجب على الحكومة تسريع مشاريع الاستصلاح لموازنة السوق".

ويعد ارتفاع أسعار الإيجارات في 2025 إشارة إلى ديناميكية سوق زراعي حيوي، لكنه يتطلب تدخلات حكومية لدعم صغار المزارعين، مثل تسهيل الإيجارات المدعومة وتوسيع الأراضي الجديدة.

تم نسخ الرابط