الشركات المصرية تغزو أفريقيا.. استثمارات بمليار دولار في أوغندا وتنزانيا

مصر وافريقيا
مصر وافريقيا

في خطوة تعكس الطموح المصري لتعزيز حضوره الاقتصادي على القارة الأفريقية، أعلنت شركة "كونكريت بلس" المصرية عن خطط طموحة لضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار في مشروعات بنية تحتية حيوية بأوغندا وتنزانيا.

وهذا الإعلان، الذي جاء خلال ندوة نظمها الاتحاد المصري للمقاولين، يأتي في وقت يشهد فيه السوق الأفريقي نموًا ملحوظًا يقدر بحوالي 60 إلى 70 مليار دولار سنويًا، مدفوعًا بمشاريع الطرق والسكك الحديدية والطاقة. 

ومع تزايد الشراكات الثنائية، أصبحت مصر واحدة من أبرز اللاعبين في هذا السوق، حيث بلغت الاستثمارات المصرية في الدولتين أكثر من 1.6 مليار دولار حتى الآن، مع توقعات بمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويعد هذا التوسع جزءًا من استراتيجية وطنية أوسع تهدف إلى استغلال اتفاقية الكوميسا (COMESA)، التي ترأسها مصر حاليًا، لتعزيز التصدير والاستثمار.

ووفقًا لتقارير حديثة، ارتفعت صادرات الصناعات الهندسية المصرية إلى 5.3 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من 2025، مما يعكس قوة القطاع المقاولاتي في مواجهة المنافسة الدولية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التفاصيل الدقيقة لهذه الاستثمارات المصرية في أوغندا وتنزانيا.

توسع الشركات المصرية في أفريقيا

ويشكل السوق الأفريقي فرصة ذهبية للشركات المصرية، خاصة في قطاع البنية التحتية، حيث تراجعت المنافسة الصينية في بعض الدول، مما فتح الباب أمام اللاعبين المحليين.

ووفقًا لتحليلات حديثة، ينمو قطاع المقاولات في شرق أفريقيا بنسبة 6% سنويًا، مدعومًا بمشاريع ممولة من البنك الإفريقي للتنمية ومؤسسات دولية أخرى.

وفي أوغندا، على سبيل المثال، يساهم هذا القطاع بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما في تنزانيا، تعد مشاريع الطاقة والنقل أولوية قومية.

وأبرز الشركات المصرية في هذا السياق هي "كونكريت بلس"، التي تعمل في السوق الأفريقي منذ ثلاث سنوات، و"المقاولون العرب"، التي نفذت مشاريع كبرى في المنطقة.

كما أن ثلاث شركات مصرية تدرج ضمن أكبر خمس شركات إفريقية لتصدير المشاريع إلى أكثر من 10 دول. 
وهذا التوسع ليس عشوائيًا؛ إذ يدعمه التمثيل التجاري المصري من خلال قواعد بيانات متكاملة توضح الشروط والمتطلبات في كل سوق، بالإضافة إلى اقتراحات لإنشاء مجمعات أعمال مصرية في دول مثل أوغندا.

مليار دولار في مشروعات الطرق والسكك الحديدية

وكشفت "كونكريت بلس" عن خططها لتنفيذ مشروعات بنية تحتية بقيمة مليار دولار في أوغندا وتنزانيا، مع بدء التنفيذ في عام 2026.

وتشمل هذه المشاريع بناء طرق رئيسية في أوغندا لتعزيز الربط اللوجستي، وسكك حديدية في تنزانيا لدعم النقل الإقليمي.

وقالت رحاب يونس، المديرة التنفيذية لتطوير الأعمال الاستراتيجية في الشركة، إن هذه المبادرات تهدف إلى "الحصول على حقوق التنفيذ في مشاريع ممولة دوليًا، مع ضمان الإكمال في المواعيد المحددة".

تأتي هذه الخطط في سياق خبرة الشركة في تمويل المشاريع الدولي، حيث أصبحت "كونكريت بلس" الضامن الرئيسي لعدة عقود أفريقية.

ومن المتوقع أن تخلق هذه المشاريع آلاف الوظائف المحلية، مما يعزز التنمية المستدامة.

وفي تعليقها، أكدت يونس أن "السوق الأفريقي يمثل فرصة استراتيجية للشركات المصرية، خاصة مع تراجع المنافسين التقليديين".

الاستثمارات المصرية في أوغندا

وبلغت الاستثمارات المصرية في أوغندا نحو 239 مليون دولار حتى سبتمبر 2025، موزعة على 69 مشروعًا في قطاعات الزراعة، الصيد، والصناعات الغذائية، مما أدى إلى خلق أكثر من 5400 فرصة عمل.

مصر وافريقيا
مصر وافريقيا

وتعد شركتان مصريتان رائدتان، "المقاولون العرب" و"ساميكو"، مسؤولتين عن تنفيذ مشاريع كبرى مثل بناء الطرق والموانئ، حيث أشادت الحكومة الأوغندية بـ"الكفاءة المصرية" في هذه المجالات.

وفي تصريح حديث، أعلن السفير الأوغندي في القاهرة عن إعجاب بلاده بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن "الاستثمارات المصرية ناجحة وتساهم في التنمية المشتركة".

كما اقترح إنشاء مجمع مصري في كمبالا لدعم الشراكات، بتمويل من بنك التصدير والاستيراد الإفريقي.

وهذه التطورات تجعل أوغندا وجهة مفضلة للشركات المصرية، خاصة مع نمو قطاع النقل بنسبة 8% في 2025.

شراكة استراتيجية في الطاقة والبنية التحتية

وفي تنزانيا، تصل الاستثمارات المصرية إلى 1.367 مليار دولار، مما يجعل مصر الثامنة بين الدول المستثمرة الأجنبية، وتولد حوالي 3800 وظيفة.

وتركز هذه الاستثمارات على التقنية، التعليم، الصحة، الزراعة، والبنية التحتية، مع خطط للتوسع أعلن عنها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال زيارة رسمية في مارس 2025.

وأبرز المشاريع هو سد جوليوس نيريري للطاقة الكهرومائية، الذي اكتمل بنسبة 99.9% ويقدر بمليارات الدولارات، ومن المتوقع إطلاقه قريبًا لتعزيز الطاقة الإقليمية.

وفي تصريح مشترك، أكد الوزيران المصري والتنزاني على "أهمية هذه الشراكة كنموذج للتعاون الأفريقي"، مع التركيز على فرص جديدة في الغاز والسياحة.

كما أن صادرات مصر إلى تنزانيا بلغت 48.58 مليون دولار في 2024، مع توقعات بزيادة بنسبة 20% في 2025.

الدعم الحكومي

وتدعم الحكومة المصرية هذا التوسع من خلال إدراج قطاع المقاولات في المرحلة الثانية من اتفاقية الكوميسا، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع البنوك الإفريقية.

ومع ذلك، تواجه الشركات تحديات مثل نقص العمالة المدربة وضعف اللوجستيات، مما يتطلب حوافز مثل الإعفاءات الضريبية كتلك المقدمة في زامبيا (10 سنوات).

ويشبه الخبراء هذا النموذج بالتركي، الذي رفع صادراته إلى 1.5 مليار دولار سنويًا عبر الدعم الحكومي.

غزو الأسواق الأفريقية

ومع اقتراب 2026، من المتوقع أن تشهد أوغندا وتنزانيا نقلة نوعية في بنيتهما التحتية، مما يعزز الروابط الاقتصادية والتنموية.

وهذا التوسع ليس مجرد استثمار مالي، بل خطوة نحو قارة أفريقية أكثر اندماجًا، حيث تكون مصر قائدة في هذه المعادلة.

تم نسخ الرابط