إلى أين يتجه الدولار في مصر بالتزامن مع مراجعة صندوق النقد الدولي؟

الدولار أمام الجنيه
الدولار أمام الجنيه

مع دخول ديسمبر، يتجه المشهد المالي في مصر نحو مرحلة حساسة، تتزامن فيها التحركات الهادئة لسعر الدولار مع بدء بعثة صندوق النقد الدولي زيارة رسمية للقاهرة تستمر حتى 12 ديسمبر، في إطار استكمال المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج الإصلاح الاقتصادي. هذه الزيارة تحمل وزنًا كبيرًا في رسم ملامح تحركات العملة خلال الأسابيع المقبلة.

الجنيه يستعيد زمام المبادرة

خلال الأيام الأخيرة، شهدت السوق المصرية تراجعًا تدريجيًا في سعر الدولار أمام الجنيه، وهو الاتجاه الذي بدأ مع تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية.

ووفق أحدث البيانات البنكية، سجل الدولار أعلى مستوياته في البنك المركزي عند 47.51 جنيه للشراء و 47.64 جنيه للبيع، بينما انخفض في بنوك أخرى مثل المصري الخليجي إلى 47.40 جنيه للشراء و 47.50 جنيه للبيع، وهذا التباين يعكس حالة ترقب شديدة قبل حكم الصندوق على أداء الاقتصاد المصري.

عوامل تحسن الموقف المصري قبل المراجعة

تزامُن التراجع في سعر الدولار مع وصول بعثة الصندوق لم يكن مصادفة، إذ شهدت الأسابيع الأخيرة تطورات إيجابية عززت موقف الجنيه وأظهرت تحسنًا ملحوظًا في قدرة الاقتصاد على استعادة توازنه:

1. تباطؤ التضخم لأدنى مستوى في عامين تقريباً

انخفض التضخم إلى 12.5% بنهاية أكتوبر، وهو رقم يُعتبر مؤثرًا جدًا في تقييم الصندوق لمدى فاعلية إجراءات السياسة النقدية.

2. ارتفاع الاحتياطي الأجنبي فوق 50 مليار دولار

قفز الاحتياطي إلى 50 مليار دولار مقارنة بـ 48.5 مليار دولار عند تأجيل المراجعة في يوليو، وهو ما يرسل إشارة قوية على تحسن قدرة الدولة على تلبية التزاماتها التمويلية.

3. انتعاش النمو الاقتصادي

وزارة التخطيط أعلنت ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.3% في الربع الأول من العام المالي الحالي، بالتزامن مع تحركات ملموسة في برنامج الطروحات الحكومية — وهو ملف شديد الحساسية بالنسبة لصندوق النقد.

تأثير زيارة الصندوق على اتجاه الدولار

تُعد هذه الزيارة فرصة حاسمة لفتح الباب أمام تدفقات جديدة، إذ يُتوقع أن تحصل مصر حال التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء على:

  • 2.7 مليار دولار من شرائح برنامج الإصلاح
  • 274 مليون دولار إضافية من تمويل الصلابة والاستدامة

هذه الأرقام، إذا تم صرفها، ستدعم الاحتياطي الأجنبي وتخفف الضغط على العملة، ما يُرجّح أن يبقى الدولار في نطاق هابط أو مستقر قبل انتهاء زيارة الوفد.

سيناريوهات سعر الدولار خلال ديسمبر
السيناريو الأول — الاستقرار المائل للهبوط (الأقرب حاليًا)

إذا نجحت الحكومة في إقناع بعثة الصندوق بأن وتيرة الإصلاح تسير كما هو مخطط، قد يشهد الدولار تراجعًا إضافيًا محدودًا، مستفيدًا من تحسن الاحتياطي وتباطؤ التضخم.

السيناريو الثاني — التحرك العرضي الحذر

في حالة صدور تصريحات إيجابية دون اتفاق فوري، قد يتحرك الدولار في نطاق ضيق بين 47.40 – 47.70 جنيه حتى وضوح الرؤية.

السيناريو الثالث — ارتفاع مفاجئ (ضعيف الاحتمال)

سيحدث فقط إذا تأجلت المراجعة مجددًا أو ظهرت تحديات تمويلية جديدة، وهو ما لا تشير إليه المؤشرات الحالية، فالدولار في مصر يدخل ديسمبر في مرحلة إعادة تموضع، متأثرًا بتقدم ملموس في الملفات الاقتصادية، وانتظارًا لنتائج زيارة مهمة قد تحدد اتجاه السوق في بداية 2026.

والرياح في صالح الجنيه، لكن المسار سيظل مرهونًا بقدرة الحكومة على إقناع صندوق النقد بجدية الإصلاحات المتفق عليها.

تم نسخ الرابط