هل يؤدي انخفاض أسعار الغذاء دوليًا إلى تهدئة أسعار السلع داخل مصر؟

السلع الغذائية
السلع الغذائية

شهدت الأسواق العالمية خلال شهر نوفمبر انخفاضًا جديدًا في أسعار السلع الغذائية الأساسية، ليواصل المؤشر العام للغذاء العالمي تراجعه للشهر الثالث على التوالي، وفق التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، ويأتي هذا الهبوط في ظل تباطؤ الضغوط التضخمية عالميًا، وتحسن المعروض من عدة سلع رئيسية خلال الفترة الأخيرة.

مؤشر الفاو يسجل أدنى مستوى منذ يناير 2021

أوضحت الفاو أن متوسط مؤشر أسعار الغذاء العالمي — الذي يتتبع أسعار مجموعة واسعة من السلع الغذائية المتداولة دوليًا — سجل 125.1 نقطة في نوفمبر، مقارنة بـ 126.6 نقطة في أكتوبر (بعد التعديل). 

وتُعد هذه القراءة هي الأدنى منذ يناير 2021، وهو ما يعكس استمرار الانخفاض التدريجي في الأسعار العالمية بعد موجة الارتفاع الكبيرة التي شهدها العالم عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.

ووفق بيانات المنظمة:

  • تراجع المؤشر 2.1% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق
  • وانخفض 21.9% عن الذروة غير المسبوقة التي سُجلت في مارس 2022

وجاء هذا التراجع مدفوعًا بانخفاض أغلب السلع الغذائية الرئيسية، وعلى رأسها الزيوت النباتية، ومنتجات الألبان، واللحوم، والسكر، بينما بقيت أسعار الحبوب مستقرة نسبيًا نتيجة تذبذب الإنتاج وتأثر بعض الدول الرئيسية بمخاطر الطقس.

عوامل رئيسية وراء الهبوط العالمي

يشير تقرير الفاو إلى عدة عوامل أساسية تقف خلف استمرار تراجع مؤشر الغذاء العالمي، من أبرزها:

  • تحسن المعروض العالمي من العديد من السلع الغذائية بعد موسم حصاد قوي في مناطق عدة
  • انخفاض تكاليف الشحن الدولية مقارنة بمستوياتها خلال 2022
  • استقرار أسعار الطاقة التي تُعد عنصرًا مهمًا في تكاليف الإنتاج والنقل
  • تراجع نسب الطلب العالمي على بعض السلع نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وبعض الاقتصادات الأوروبية
  • تحسن سلاسل الإمداد والتوريد بعد تجاوز تداعيات جائحة كورونا

هذه العوامل مجتمعة ساهمت في كبح جماح التضخم الغذائي عالميًا، ودفعت الأسعار نحو مستويات أكثر استقرارًا.

ماذا يعني ذلك لمصر؟

رغم عدم انعكاس التراجع العالمي على الفور في كل الأسواق المحلية حول العالم، إلا أن مصر من الدول التي تستفيد عادة من انخفاض الأسعار الدولية نظرًا لاعتمادها على الاستيراد في عدد من السلع الأساسية. ويأتي هذا في وقت تبذل فيه الدولة جهودًا كبيرة لضمان وفرة المخزون الاستراتيجي وتقليل أي تقلبات قد تصيب الأسواق نتيجة تغيرات خارجية.

وتشير التحليلات إلى أن استمرار انخفاض الأسعار عالميًا قد:

  • يخفف الأعباء المالية عن عملية الاستيراد
  • يسهم في استقرار تكاليف الإنتاج
  • يعزز قدرة الأسواق على امتصاص أي صدمات مفاجئة
  • يدعم جهود السيطرة على التضخم الغذائي محليًا

كما تواصل الحكومة المصرية — عبر الأجهزة الرقابية ومركز معلومات مجلس الوزراء — متابعة حركة الأسعار العالمية بشكل يومي، وربطها بآليات متطورة لرصد الأسواق المحلية، بما يضمن استمرارية توافر السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة.

السلع الأكثر تأثيرًا على السوق العالمية

بحسب تقرير الفاو، فإن أبرز السلع التي قادت موجة الانخفاض العالمي خلال نوفمبر تشمل:

الزيوت النباتية: نتيجة زيادة المعروض من زيت النخيل والصويا بشكل خاص

منتجات الألبان: مع تحسن إنتاج أوروبا ونيوزيلندا

السكر: رغم تقلبات الطقس في الهند والبرازيل، إلا أن الإنتاج العالمي كان كافيًا لخفض الأسعار

اللحوم: نتيجة تراجع الطلب في الأسواق الآسيوية

في المقابل، بقيت أسعار الحبوب شبه مستقرة بسبب اختلافات في الظروف المناخية بين الدول المنتجة، إضافة إلى استمرار الضغط على سلاسل إمداد القمح والذرة في بعض المناطق.

التوقعات المستقبلية

تتوقع الفاو إمكانية استمرار الانخفاض النسبي في أسعار الغذاء خلال الأشهر المقبلة، شريطة:

  • استمرار تحسن إنتاج المحاصيل
  • استقرار الوضع الجيوسياسي العالمي
  • انخفاض أسعار الطاقة والشحن
  • عدم حدوث اضطرابات مناخية حادة

وبالنسبة لمصر، فإن استمرار التراجع العالمي يمثل مؤشرًا إيجابيًا يمكن أن يدعم جهود السيطرة على التضخم وتخفيف الضغط على الميزان التجاري، خاصة مع استمرار الدولة في توسيع المخزون الاستراتيجي وتطوير منظومة الاستيراد.

ويؤكد الانخفاض المستمر في أسعار السلع الغذائية عالميًا أن الأسواق الدولية تتجه نحو مرحلة من التوازن بعد صدمات متلاحقة خلال الأعوام الأخيرة، وفي الوقت نفسه، تواصل مصر انتهاج سياسة رقابية واستباقية لمتابعة حركة الأسعار العالمية وتأثيرها على السوق المحلية، بما يدعم الاستقرار الاقتصادي ويحافظ على توافر السلع الأساسية للمواطنين.

تم نسخ الرابط