تراجع التضخم في مصر يعزز المسار النزولي ويقربه من المستهدفات الحكومية
سجلت معدلات التضخم في مصر تباطؤًا جديدًا خلال نوفمبر 2025، في إشارة واضحة إلى دخول الضغوط السعرية مسارًا نزوليًا أكثر استقرارًا، وهو ما يعزز من فرص استعادة التوازن الاقتصادي ويدعم توجهات السياسة النقدية خلال المرحلة المقبلة، ويأتي هذا التراجع في ظل مجموعة من العوامل المحلية والدولية التي ساهمت في تهدئة وتيرة ارتفاع الأسعار، خاصة في السلع الأساسية.
وقال الدكتور علي جمال عبد الجواد، خبير اقتصادي، إن انخفاض معدلات التضخم خلال الفترة الأخيرة يؤكد أن الاقتصاد المصري تجاوز ذروة الضغوط التضخمية التي شهدها خلال العامين الماضيين، لافتًا إلى أن المؤشرات الحالية تعكس مسارًا هبوطيًا واضحًا، مدعومًا باستقرار سعر الصرف وتحسن توازنات العرض والطلب في عدد من القطاعات.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تباطأ معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 12.3% خلال نوفمبر 2025، مقابل 12.5% في أكتوبر، بينما سجل التضخم الشهري 0.3% مقارنة بـ1.8% في الشهر السابق. وتعكس هذه الأرقام تراجعًا ملحوظًا في حدة الزيادات السعرية، لا سيما على مستوى السلع الغذائية.
وأشار الجهاز إلى أن هذا التباطؤ جاء مدفوعًا بنمو محدود في أسعار الأغذية والمشروبات، وهو ما بدد جزءًا كبيرًا من أثر الزيادات التي طالت بنودًا أخرى في سلة المستهلك، مثل النقل والطاقة والخدمات. وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة نظرًا للوزن النسبي الكبير للغذاء في إنفاق الأسر المصرية.
ويأتي هذا التحسن مقارنة بذروة تاريخية سجلها التضخم عند مستوى 38% في سبتمبر 2023، في أعقاب سلسلة من الصدمات الاقتصادية العالمية والمحلية. وساهمت حزمة الدعم المالي التي وقعتها الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار في مارس 2024 في استعادة قدر من الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، وتحسين ثقة المستثمرين.
في المقابل، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن معدل التضخم الأساسي – الذي يستبعد السلع الأكثر تقلبًا – ارتفع إلى 12.5% على أساس سنوي خلال نوفمبر، مقابل 12.1% في أكتوبر، فيما بلغ المعدل الشهري 0.8%. ويعكس ذلك استمرار بعض الضغوط الهيكلية المرتبطة بتكاليف الخدمات والطاقة، رغم التراجع العام في التضخم.
ويرى محللون أن المشهد التضخمي في مصر بات أكثر توازنًا، في ظل مجموعة من العوامل الإيجابية، من بينها استقرار سعر صرف الجنيه، وتراجع تكلفة التمويل، واستعادة القطاع الصناعي جزءًا كبيرًا من طاقته الإنتاجية، إلى جانب تحسن التدفقات الدولارية، كما ساهمت هذه العوامل في امتصاص أثر الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، التي بلغت نحو 13% في أكتوبر الماضي.
وتتوقع الأوساط الاقتصادية استمرار الاتجاه النزولي للتضخم مع بداية 2026، ليقترب تدريجيًا من مستهدفات الحكومة والبنك المركزي عند مستوى (7% ±2) بنهاية الربع الأخير من عام 2026، شريطة استمرار الانضباط المالي والنقدي، واستقرار أسعار السلع عالميًا.
