تراجع الدولار وارتفاع الاحتياطي يقوي قدرة مصر على مواجهة الصدمات الخارجية
واصل الدولار الأميركي تراجعه أمام الجنيه المصري خلال تعاملات جلسة اليوم الاثنين، مدعومًا بتحسن ملحوظ في السيولة الدولارية في الأسواق المحلية، ما أسهم في تخفيف الضغوط على سعر الصرف وتعزيز قدرة البنوك على تلبية احتياجات العملاء دون تقلبات كبيرة، ويأتي هذا التراجع في سياق مؤشرات إيجابية على مستوى احتياطي النقد الأجنبي وبيانات التضخم، ما يعزز ثقة المستثمرين ويقلل من المخاطر المرتبطة بأسعار الصرف.
قدرة الاقتصاد المصري
وقال محمد كمال، الخبير الاقتصادي، إن "تراجع الدولار أمام الجنيه يمثل انعكاسًا مباشرًا لتحسن المعروض من العملة الصعبة في السوق المحلية، سواء من خلال تحويلات المصريين بالخارج أو عوائد الصادرات والخدمات، بالإضافة إلى التدخل الإيجابي للبنك المركزي".
وأضاف كمال: "هذا الانخفاض لا يعني فقط استقرار سعر الصرف، بل يعكس أيضًا قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات الخارجية ويعطي مؤشرات إيجابية لقطاعات الإنتاج المختلفة التي تعتمد على واردات المواد الخام بالدولار".
وتابع الخبير في تصريحات خاصة لـ"سمارت فاينانس": "البنك المركزي يمارس سياسة نقدية حذرة توازن بين استقرار سعر الصرف والحفاظ على معدلات التضخم في مستويات معقولة، وهو ما يراه السوق ويستجيب له بشكل إيجابي، فاستقرار الدولار بهذا الشكل يدعم التخطيط المالي للشركات ويقلل المخاطر المرتبطة بتقلبات العملة، كما يعزز الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر".
وأشار كمال إلى أن "المستثمرين أصبحوا أكثر مرونة في توقع تحركات العملة، خاصة مع استمرار زيادة الاحتياطي النقدي والاحتفاظ بمستويات الفائدة الحالية، ما يجعل مصر بيئة أكثر استقرارًا للاستثمارات طويلة الأجل".
وأضاف: "أي توجه نحو زيادة المعروض من الدولار في السوق أو الحفاظ على الاحتياطي عند مستويات مرتفعة ينعكس فورًا على الثقة، سواء لدى المستثمرين أو لدى المواطنين الذين يخططون لمشترياتهم بالعملة المحلية".
ارتفاع الاحتياطي النقدي
وفي السياق نفسه، أعلن البنك المركزي المصري مؤخرًا ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي بلغ 50.2 مليار دولار بنهاية نوفمبر، بزيادة 145 مليون دولار عن أكتوبر الماضي، مدفوعًا بزيادة قدرها 707 ملايين دولار في أرصدة الذهب، مما عوض جزئيًا تراجع قدره 118 مليون دولار في حقوق السحب الخاصة وانخفاض قدره 445 مليون دولار في أرصدة العملات الأجنبية. وتشير هذه الزيادة إلى قوة احتياطات الدولة وقدرتها على التدخل لدعم استقرار العملة عند الحاجة.
نراجع معدلات التضخم
وفي ما يخص التضخم، كشفت البيانات الرسمية أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية بلغ 12.3% خلال نوفمبر مقابل 12.5% في أكتوبر، بينما وصل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 10% مقابل 10.1% في أكتوبر.
وعلق كمال: "انخفاض معدل التضخم حتى ولو بشكل طفيف، يوفر مجالًا للبنك المركزي في دعم السياسات النقدية، ويساعد على الحفاظ على القوة الشرائية للجنيه ويقلل الضغوط على الأسر، خاصة مع تراجع الدولار مقابل الجنيه".
ويأتي تراجع الدولار في وقت أبقت فيه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع نوفمبر الماضي، حيث ثبت سعر عائد الإيداع عند 21% وسعر الإقراض لليلة واحدة عند 22% وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 21.5%، مع الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 21.5%.
وقال كمال إن "الإبقاء على أسعار الفائدة عند هذه المستويات يعزز من قدرة الاقتصاد على استيعاب السيولة، ويدعم القطاعات الإنتاجية، ويضمن استقرار العملة مقابل الدولار".
وأضاف كمال: "الآفاق المستقبلية لسعر الدولار أمام الجنيه تبدو مستقرة نسبيًا خلال الفترة المقبلة، مع توقع استمرار زيادة السيولة في السوق المحلية، وتحسن الاحتياطي النقدي، وضبط التضخم، ما سينعكس إيجابًا على نمو الاقتصاد المصري ويعزز من الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء".
وسجل أعلى سعر لصرف الدولار في بنك التعمير والإسكان عند مستوى 47.45 جنيه للشراء مقابل 47.55 جنيه للبيع، فيما جاء أقل سعر في بنك أبوظبي التجاري عند 47.40 جنيه للشراء مقابل 47.50 جنيه للبيع، فيما بلغ سعر الدولار لدى البنك المركزي المصري 47.42 جنيه للشراء مقابل 47.55 جنيه للبيع، فيما تراوحت الأسعار بين 47.40 و47.44 جنيه للشراء لدى باقي البنوك الكبرى، مع فروق طفيفة في البيع، بما يعكس حالة استقرار نسبي في السوق المصرفية.
