هل ستقود الاستثمارات الأجنبية الجديدة مصر نحو تنمية مستدامة؟
تواصل الحكومة المصرية جهودها لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر حزمة من الحوافز غير المسبوقة، في خطوة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وتقليل الاعتماد على أدوات الدين، مع التركيز على سد الفجوة بين الادخار والاستثمار، وتجنب التوسع في التدفقات قصيرة الأجل للأموال الساخنة.
وفي هذا السياق، أعلن الدكتور مدحت نافع، خبير الاقتصاد المصري، أن توقيع الحكومة المصرية لاتفاقية مع شركة "المانع" القابضة القطرية لإنتاج وقود الطائرات المستدام باستثمارات تصل إلى 200 مليون دولار يأتي ضمن حزمة من الاتفاقيات المرتقبة من الجانب القطري، والتي كانت الحكومة قد أعلنت عنها سابقًا بقيمة إجمالية تصل إلى 7.5 مليار دولار.
صفقات قطرية
وأكد نافع أن هناك صفقات أخرى تتجاوز الاستثمارات القطرية المعلنة، منها مشروع "علم الروم" في الساحل الشمالي المصري، الذي يبرز كأحد أكبر المشروعات الاستثمارية في المنطقة.
وخلال نوفمبر الماضي، وقعت شركة الديار القطرية، الذراع العقارية للصندوق السيادي القطري، اتفاقية مع هيئة المجتمعات العمرانية لتطوير منطقة "علم الروم" على ساحل البحر المتوسط بقيمة 29.7 مليار دولار.
وقد قامت الشركة بسداد 3.5 مليار دولار قيمة قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها 4900 فدان، إضافة إلى استثمار عيني بقيمة 26.2 مليار دولار لإنشاء المشروع، ما يعكس الثقة الكبيرة للمستثمرين الأجانب في السوق المصرية وقدرتها على استيعاب الاستثمارات الضخمة.
وأشار نافع إلى أن الاستثمارات القطرية تركز في الوقت الحالي على قطاعات محددة مثل العقارات والسياحة وخاصة في الساحل الشمالي، وقطاع الأغذية، مع توقعات بأن تشمل محفظة الاستثمارات القطريّة المستقبلية مزيدًا من القطاعات الإنتاجية عالية القيمة المضافة.
كما أضاف أن حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر شهد نموًا ملحوظًا خلال العامين الماضيين، بنسبة تصل إلى 80%، ما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين واستمرار توسع الاستثمارات الثنائية.
تقليل الاقتراض
ويشير نافع إلى أن الحكومة المصرية تعمل على التوسع في جذب الاستثمارات الأجنبية بدلاً من زيادة الاقتراض، خاصة في ظل مستويات الدين العام المرتفعة، والتي تلتهم جزءًا كبيرًا من الموارد المالية للدولة، ما يجعل التحول نحو الاستثمارات الأجنبية خطوة استراتيجية للتنمية المستدامة وتقليل عبء خدمة الدين.
وأكد أن جزءًا من الديون يمكن تحويله إلى استثمارات في شركات قائمة أو مشاريع جديدة، إلى جانب توفير بيئة استثمارية مناسبة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وتعتبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إحدى الركائز الأساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لما توفره من مزايا كبيرة تشمل العمل ضمن المناطق الحرة، الوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة، تسهيلات في الإجراءات الاستثمارية، والموقع الاستراتيجي القريب من الموانئ، ما يسهل عمليات استيراد المواد الخام وتصدير المنتج النهائي.
التمويل التقليدي
كما توفر المنطقة إمكانية الوصول إلى التمويل التقليدي والمستدام بأسعار تنافسية، بما يضمن زيادة العوائد وتقليل المخاطر.
وفي ضوء هذه التحركات، يرى الخبراء أن مصر تسعى إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المتنوعة، والتي يمكن أن تساهم في دعم النمو الاقتصادي، توفير فرص العمل، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
ومع استمرار الدولة في تقديم الحوافز وتسهيل الإجراءات الاستثمارية، من المتوقع أن تشهد السوق المصرية خلال السنوات المقبلة تدفقات استثمارية أكبر، بما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة وتقليل الاعتماد على أدوات الدين التقليدية.
توقّع الخبراء أن تكون الاستثمارات الأجنبية الجديدة محورًا رئيسيًا لتحقيق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في مصر، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية والسياحية والعقارية، مع زيادة فرص التوظيف وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لجذب الاستثمارات المتنوعة.
