صادرات مصر غير النفطية تقفز 18%.. كيف سيعود ذلك على الاقتصاد؟

الصادرات المصرية
الصادرات المصرية

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، شهدت مصر قفزة ملحوظة في صادراتها غير النفطية خلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2025، مما يعكس جهود الحكومة في تعزيز التصدير كمحرك رئيسي للنمو.

ووفقًا للبيانات الرسمية، ارتفعت هذه الصادرات بنسبة 18% لتصل إلى 44.392 مليار دولار، مقارنة بـ37.544 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2024، وهذا النمو ليس مجرد رقم إحصائي، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا يساهم في تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

ومع اقتراب نهاية العام، يتوقع الخبراء أن يستمر هذا الاتجاه، مما يفتح آفاقًا جديدة للاقتصاد المصري في مواجهة التقلبات العالمية.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض تفاصيل وصول صادرات مصر غير النفطية تقفز 18% في 11 شهراً.

تفاصيل الزيادة في صادرات مصر غير النفطية خلال 2025

وسجلت صادرات مصر غير النفطية نموًا قويًا بلغ 18% خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2025، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 44.392 مليار دولار.

وهذا الارتفاع يأتي مدعومًا بأداء قوي في عدة قطاعات، مما يعكس تنوع الاقتصاد المصري، وعلى سبيل المثال، ارتفعت واردات البلاد بنسبة 4% فقط لتصل إلى 74.738 مليار دولار، مما ساهم في تقليص العجز التجاري بنسبة 12% إلى 30.346 مليار دولار، مقارنة بـ34.421 مليار دولار في العام السابق.

وهذه الأرقام تشير إلى تحسن ملموس في الميزان التجاري، الذي يعد أحد أبرز المؤشرات على صحة الاقتصاد.

الجدير بالذكر أن هذا النمو لم يكن عشوائيًا، بل نتيجة لسياسات مدروسة، فقد أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الصادرات غير النفطية السلعية متوقع أن تصل إلى ما بين 48 و50 مليار دولار بنهاية 2025، بمعدل نمو سنوي يبلغ 20%.

وفي عام 2024، كانت هذه الصادرات قد بلغت حوالي 40 مليار دولار، مما يعني أن الزيادة الحالية تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الهدف الوطني بزيادة إجمالي الصادرات – بما في ذلك السلع والخدمات – إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030.

القطاعات الرئيسية المساهمة في نمو الصادرات المصرية غير النفطية

ودعمت عدة قطاعات هذا النمو، حيث برزت مواد البناء كأبرزها بقيمة تصدير بلغت 13.672 مليار دولار، بنمو بنسبة 39%.

وتلتها المنتجات الكيماوية والأسمدة بـ8.560 مليار دولار (زيادة 8%)، والصناعات الغذائية بـ6.350 مليار دولار (زيادة 13%).

كما ساهمت السلع الهندسية والإلكترونية بـ5.919 مليار دولار (زيادة 14%)، والمحاصيل الزراعية بـ4.204 مليار دولار.

أما الملابس الجاهزة فقد ارتفعت بنسبة 21% إلى 3.096 مليار دولار، بينما سجلت الصناعات الطبية نموًا بنسبة 26% إلى 898 مليون دولار.

وهذا التنوع في القطاعات يعزز من قدرة مصر على المنافسة العالمية، خاصة في أسواق مثل الإمارات العربية المتحدة التي استوردت بقيمة 6.580 مليار دولار (زيادة 131%)، وتركيا بـ2.949 مليار دولار، والسعودية بـ2.755 مليار دولار، وإيطاليا بـ2.552 مليار دولار (زيادة 29%)، والولايات المتحدة بـ2.470 مليار دولار (زيادة 21%).

الصادرات المصرية
الصادرات المصرية

وهذه الوجهات الرئيسية تعكس توسع العلاقات التجارية الدولية لمصر.

أسباب الزيادة في الصادرات غير النفطية لمصر ودور الحكومة

وتعود هذه الزيادة إلى استراتيجية حكومية متكاملة تركز على تقليص العجز التجاري من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، خفض التكاليف، وتعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية الدولية.

كما ساهمت برامج دعم التصدير، مثل برنامج رد الأعباء التصديرية لعام 2025-2026، الذي يربط الدعم بزيادة المكون المحلي بنسبة 5% سنويًا، مع رفع مخصصات الدعم في الموازنة إلى 45 مليار جنيه مصري.

وبالإضافة إلى ذلك، أدى حماية الصناعة المحلية من خلال أدوات الدفاع التجاري المتوافقة مع المعايير الدولية إلى تعزيز القدرة التنافسية.

وأعلن وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب عن هدف طموح يتمثل في تصنيف مصر ضمن أفضل 50 دولة عالميًا في مؤشرات التجارة، مع التركيز على المنتجات الصناعية كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية.

وهذه الجهود تأتي في سياق خطة أوسع لرفع نسبة الصادرات إلى الناتج المحلي الإجمالي من 10% إلى ما بين 20% و30%.

نمو الناتج المحلي وانخفاض العجز التجاري

ويعود هذا النمو التصديري بالإيجاب على الاقتصاد المصري بشكل مباشر، فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 5.3% في الربع الأول من السنة المالية 2025/2026، وهو أعلى معدل في ثلاث سنوات، مدفوعًا بالقطاعات غير النفطية مثل التصنيع (زيادة 14.5%)، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (14.5%)، السياحة (13.8%)، والقناة السويس (8.6%).

وفي المقابل، انخفض قطاع النفط والغاز بنسبة 5.3%، مما يبرز أهمية التنويع الاقتصادي.

ويعزز هذا النمو من تدفقات العملة الأجنبية، مما يساعد في استقرار سعر الصرف وتقليل الضغط على الاحتياطي النقدي.

كما أن انخفاض العجز التجاري إلى أدنى مستوياته في عشر سنوات يعكس تنسيقًا حكوميًا مع مجالس التصدير لحل التحديات، مما يعزز الثقة لدى المستثمرين.

وعلى المدى الطويل، يتوقع خبراء أن يساهم هذا في خفض التضخم وتحسين السيولة، خاصة مع توقعات بارتفاع إيرادات السياحة من 17.1 مليار دولار في 2025 إلى 19 مليار دولار بحلول 2029، مدعومًا بمشاريع مثل المتحف المصري الكبير.

التوقعات المستقبلية للاقتصاد المصري مع ارتفاع الصادرات

ورغم الإنجازات، تواجه مصر تحديات مثل التقلبات العالمية في الأسعار والتوترات الجيوسياسية، التي قد تؤثر على الطلب الدولي.

ومع ذلك، تظل التوقعات إيجابية، حيث يؤكد رئيس الوزراء أن الهدف بـ145 مليار دولار بحلول 2030 قابل للتحقيق.

كما أن الإصلاحات الاقتصادية قد عززت الاستقرار الكلي، مما يجعل مصر أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية.

وتمثل قفزة الصادرات غير النفطية بنسبة 18% خطوة حاسمة نحو اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، ومع استمرار الدعم الحكومي والتركيز على الابتكار، يمكن لهذا النمو أن يعزز من مكانة مصر على الساحة الدولية، مما يعود بالنفع على المواطنين من خلال فرص عمل جديدة وتحسين المعيشة.

تم نسخ الرابط