صندوق النقد يوافق على صرف 2.7 مليار دولار لمصر
توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي مع مصر بشأن مراجعة البرنامج المؤجلة، مما يمهد الطريق لصرف 2.5 مليار دولار ويشير الصندوق إلى نمو أقوى لكنه يحذر من مخاطر الديون التي تواجه البلاد.
أعلن صندوق النقد الدولي أنه توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعات التي طال انتظارها لبرنامج القروض البالغ 8 مليارات دولار، في الوقت الذي تواصل فيه القاهرة إصلاحاتها الاقتصادية.
في حال موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، فإن صرف الأموال الجديد سيفتح المجال أمام حوالي 1.2 مليار دولار في إطار البرنامج الرئيسي و1.3 مليار دولار من خلال مرفق المرونة والاستدامة، مما يضيف إلى 3.2 مليار دولار تلقتها مصر.
ومن المتوقع أن يؤدي التمويل الأخير إلى تعزيز الاحتياطيات وتخفيف الضغوط المالية وتعزيز الثقة بين المقرضين الدوليين.
وأوضح صندوق النقد الدولي في بيان له عقب بعثة إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين أن الاتفاقية تغطي المراجعتين الخامسة والسادسة في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر والمراجعة الأولى لآلية الدعم السريع.
وقالت رئيسة البعثة إيفانا فلادكوفا هولار: "لقد حققت جهود تحقيق الاستقرار مكاسب مهمة، ويُظهر الاقتصاد المصري علامات على نمو قوي".
وأشار صندوق النقد الدولي إلى زيادة الإنتاج، وتحسن ميزان المدفوعات، وتخفيف ضغوط التضخم بعد أشهر من السياسة المالية والنقدية المتشددة.
وذكر البيان أن النمو الاقتصادي ارتفع إلى 4.4 في المائة في السنة المالية 2024-2025 من 2.4 في المائة في العام السابق، مدعوماً بالصناعات غير النفطية والنقل والتمويل والسياحة.
نما النشاط الاقتصادي إلى 5.3 في المائة سنوياً في الربع الأول من عام 2025-2026.
ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية إلى 56.9 مليار دولار، بينما زادت حيازات غير المقيمين من ديون العملة المحلية إلى حوالي 30 مليار دولار وسط تحسن ثقة المستثمرين وتحسن الأوضاع الخارجية.
تأخرت المراجعات لعدة أشهر بسبب تعثر تنفيذ مصر لمتطلبات صندوق النقد الدولي بشأن مرونة سعر الصرف، والضبط المالي، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد.
أعلن الصندوق اليوم الثلاثاء أن مصر حافظت على سياسة نقدية متشددة مناسبة ودورة تيسير تدريجي لدعم خفض التضخم وبلغ معدل التضخم في المناطق الحضرية 12.3% في نوفمبر، وهو أقل بكثير من ذروته التي بلغت نحو 40% في أواخر عام 2023.
وأشار صندوق النقد الدولي أيضاً إلى ضرورة مواصلة الإصلاحات في القطاع المصرفي المصري.
وأضاف البيان: "إن الوجود الكبير للبنوك المملوكة للدولة في النظام المالي يتطلب ممارسات حوكمة قوية مستمرة للحفاظ على الصحة المالية، وتعزيز آلية نقل السياسة النقدية القائمة على السوق، وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي".
وقد التزم البنك المركزي المصري بمتابعة المراجعات المستقلة التي تجريها جهات خارجية لضمان تطبيق أفضل الممارسات.
على الرغم من الانتعاش القوي في الإيرادات الضريبية - بزيادة قدرها 36 في المائة في 2024-2025 و35 في المائة أخرى بين يوليو ونوفمبر 2025-2026 - ظلت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر متواضعة عند 12.2 في المائة، وهي أقل من المستويات الدولية.
وحث صندوق النقد الدولي على مواصلة الجهود لسد الفجوة وخفض الدين العام مع الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي المستهدف.
تهدف السلطات إلى تحقيق فائض في الميزان الأولي بنسبة 4.8 في المائة في السنة المالية الحالية و 5 في المائة في 2026-2027.
وقال الصندوق إن مجموعة جديدة من الإصلاحات الضريبية المصممة لرفع الإيرادات بنحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من المقرر أن تخضع لموافقة مجلس الوزراء في يناير 2026.
كما تعهدت الحكومة بالحفاظ على الانضباط المالي مع توسيع نطاق الدعم للفئات الضعيفة من خلال برامج التحويلات النقدية التكافلية والكرامة وغيرها من تدابير الحماية الاجتماعية وشجع الصندوق السلطات على النظر في زيادة مخصصات الميزانية لهذه المشاريع.
وأعادت القاهرة إحياء خططها لتسريع عملية الخصخصة وجذب الاستثمارات الخاصة، وهو ما يُمثل جوهر دعوة صندوق النقد الدولي إلى تكافؤ الفرص. ويرتكز الإطار السياسي المُحدّث على تعزيز الحوكمة، وتوسيع دور صندوق مصر السيادي، وزيادة مشاركة القطاع الخاص وشهدت الأشهر الأخيرة بوادر استقرار مبدئي.
تباطأ التضخم، وهدأت سوق الصرف، وبدأت إيرادات قناة السويس - التي تضررت بشدة من الاضطرابات في حركة الشحن في البحر الأحمر - في التعافي.
تُظهر البيانات الصادرة عن هيئة قناة السويس ارتفاع الإيرادات بنسبة 14.2 في المائة على أساس سنوي بين شهري يوليو وأكتوبر، حيث عادت بعض خطوط الشحن بعد أشهر من انخفاض حركة الملاحة بشكل كبير.
كما تحسنت السياحة، حيث بلغ عدد الوافدين 15.6 مليون زائر بين يناير وأكتوبر، بزيادة قدرها 21 في المائة على أساس سنوي، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.
وفي الوقت نفسه، تعزز الاستثمارات الخليجية الجديدة تدفقات العملات الأجنبية، بما في ذلك اتفاقية بقيمة 29.7 مليار دولار مع شركة الديار القطرية لتطوير مدينة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط، وهي جزء من حزمة أوسع بقيمة 7.5 مليار دولار تم الإعلان عنها في وقت سابق من هذا العام.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التحسينات الأخيرة، لا يزال الدين العام المرتفع في مصر يشكل مصدر قلق رئيسي لكل من صانعي السياسات والدائنين.
قال صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء إن السياسة المالية يجب أن تظل صارمة من أجل "تقليل الاحتياجات التمويلية الإجمالية ووضع ديون قطاع الميزانية على مسار هبوطي مستدام"، محذراً من أن نقاط الضعف في الديون تجعل مصر عرضة للتحولات في أسعار الفائدة العالمية وظروف التمويل.
كما قال الاقتصاديون المصريون إن التقدم الاقتصادي الأخير الذي حققته البلاد يمكن أن ينهار بسهولة بالغة إذا لم يتم السيطرة على اقتراضها، سواء من المقرضين الدوليين أو من خلال بيع أدوات الدين عبر البنك المركزي.