مؤشرات إيجابية لعودة الاستثمار في مصر بدعم تحسن الطلب ونشاط القطاع الخاص
تشهد حركة الاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية مؤشرات إيجابية تعكس تحسنًا تدريجيًا في النشاط الاقتصادي، مدفوعًا بزيادة الطلب المحلي وارتفاع معدلات التشغيل في عدد من القطاعات الحيوية، ويأتي هذا التطور بعد فترة من التباطؤ، لتبدأ الشركات في إعادة ترتيب أولوياتها الاستثمارية والعودة إلى التوسع بشكل محسوب يعكس تحسن الثقة في آفاق الاقتصاد.
وخلال السنوات الماضية، تأثرت وتيرة الاستثمار بتباطؤ النمو الاقتصادي، ما دفع بعض الشركات إلى تقليص إنفاقها الرأسمالي مقارنة بمستويات ما قبل عام 2010، إلا أن تحسن المؤشرات الاقتصادية منذ منتصف عام 2025 أسهم في تغيير هذا الاتجاه، مع عودة تدريجية لضخ الاستثمارات، خاصة في القطاعات التي تشهد نموًا واضحًا في الطلب.
وفي هذا الإطار، قال هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، إن مصر تشهد «عودة تدريجية للاستثمار مع تحسن الطلب وارتفاع وتيرة التشغيل»، مشيرًا إلى أن تحسن الأوضاع الاقتصادية يدعم قرارات التوسع لدى الشركات، بعد فترة من التريث.
وأكد أن تحسن الطلب المحلي ساعد في رفع معدلات التشغيل داخل عدد من الصناعات، حيث تعمل بعض القطاعات حاليًا بالقرب من طاقتها القصوى، موضحًا أن قطاع الأسمنت أحد أبرز المستفيدين من هذا التحسن، إذ وصلت معدلات التشغيل فيه إلى مستويات تقترب من 100% من الطاقة الإنتاجية، ما يعكس قوة الطلب وعودة النشاط في قطاعات مرتبطة بالبناء والتشييد.
وأوضح أن هذا التحسن يدفع الشركات إلى إعادة النظر في خططها الاستثمارية، سواء من خلال توسعة القدرات الإنتاجية القائمة أو ضخ استثمارات جديدة تلبي الطلب المتزايد، كما تسهم زيادة معدلات التشغيل في تحسين الكفاءة الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من الأصول القائمة، وهو ما يدعم الربحية ويشجع على مزيد من التوسع، مضيفًا أن القطاع الخاص يلعب دورًا محوريًا في قيادة حركة الاستثمار خلال المرحلة الحالية، مستفيدًا من تحسن مناخ الأعمال وزيادة فرص النمو في السوق المحلية.
قال محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، إن مصدر قوة الاقتصاد المصري يكمن في تنوعه والقاعدة السكانية الكبيرة، وهو ما يمنحه قدرة على تحقيق نمو مستدام قائم على أكثر من قطاع ومصدر دخل.
وأوضح محيي الدين أن نمو الاقتصاد المصري لا يعتمد على قطاع واحد، بل يأتي من عدة مصادر وقطاعات، في مقدمتها قطاع الخدمات إلى جانب التصدير، مشيرًا إلى أن هذا التنوع يوفر قدرًا أكبر من المرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية ويعزز فرص النمو على المدى المتوسط والطويل.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة أهمية العمل على زيادة وتيرة النمو في القطاعات التي تقود النشاط الاقتصادي، من خلال دعم الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات وتطوير قطاع الخدمات، بما يسهم في تحقيق نمو أسرع وأكثر شمولًا للاقتصاد المصري.
ويُنظر إلى استثمارات القطاع الخاص باعتبارها المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي، لما تتمتع به من مرونة وقدرة على التكيف مع متغيرات السوق، ورغم استمرار التوجه نحو التوسع التدريجي، فإن الصورة العامة تعكس تحسنًا ملحوظًا في شهية الاستثمار مقارنة بالفترات السابقة، مع توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة وتيرة أسرع في ضخ الاستثمارات حال استمرار تحسن الطلب واستقرار الأوضاع الاقتصادية.
وؤكد المؤشرات الحالية أن الاقتصاد المصري يسير في اتجاه إيجابي، مع عودة الاستثمار تدريجيًا وارتفاع معدلات التشغيل وقيادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي، ما يعزز فرص تحقيق نمو أكثر قوة واستدامة خلال المرحلة المقبلة.
