"ماسك" يشعل حرب الذكاء الاصطناعي.. كيف تحولت تغريداته إلى حملة عالمية للترويج؟
بدا أن إيلون ماسك، اختار خوض مواجهة مباشرة على جبهة الذكاء الاصطناعي، لكن ليس عبر المنصات التقليدية أو المؤتمرات الصحفية، بل من خلال الساحة الأقرب إليه: منصة «إكس».
إيلون ماسك يشعل حرب الذكاء الاصطناعي
وخلال أسابيع قليلة، تحوّل حساب ماسك الشخصي إلى منصة ترويجية نشطة لنموذج الذكاء الاصطناعي «جروك»، الذي تطوره شركته «إكس إيه آي»، في حملة غير مسبوقة من حيث الكثافة والحدة، اعتمدت على التغريدات اليومية والمقارنات العلنية مع النماذج المنافسة.
سردية التفوق عبر التغريدات
على مدار نهاية العام، نشر ماسك عشرات التغريدات التي قدّم فيها «غروك» باعتباره «الأدق، والأكثر صدقًا، والأقل تحيزًا»، ولم يكتفِ بالشعارات العامة، بل لجأ إلى أسلوبه المعروف القائم على السخرية والمقارنة المباشرة.
وفي 26 ديسمبر، أثار ماسك جدلًا واسعًا عندما علّق على ما وصفه بأخطاء في إجابات «شات جي بي تي» و«جيميني» حول بيانات اقتصادية تخص مدينة لوس أنجلوس، قبل أن يطلب من «جروك» تقديم الإجابة الصحيحة بأسلوب ساخر، وهو ما حصد تفاعلًا كبيرًا وأعاد إشعال النقاش حول دقة نماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة.
ولم تكن هذه المقارنات عابرة، إذ حرص ماسك على تكرار عبارة «Grok it» كمحاولة لصناعة بديل ثقافي لعبارة «Google it»، في مسعى واضح لتحويل «غروك» من مجرد أداة تقنية إلى جزء من الاستخدام اليومي.
كما أشار في أكثر من مناسبة إلى تفوق النموذج في مهام الكتابة والاستدلال المنطقي مقارنة بـ«Claude»، معتبرًا ذلك دليلًا على نضج «غروك» وقدرته على منافسة اللاعبين الكبار في السوق.
الأرقام كوسيلة إقناع
إلى جانب السجالات، اعتمد ماسك على استعراض أرقام ومؤشرات أداء، متحدثًا عن تصدر «غروك» بعض لوحات مقارنة النماذج مثل OpenRouter، سواء في مهام البرمجة أو ما وصفه بـ«الذكاء العاطفي»، فضلًا عن نتائج متقدمة في اختبارات مركبة لقياس الأداء.
كما روّج لبيانات تشير إلى نمو عدد المستخدمين اليوميين ليتجاوز 10 ملايين مستخدم، إضافة إلى تقييمات مرتفعة في متاجر التطبيقات، وتصدر التطبيق في أسواق مثل كوريا الجنوبية.
وسواء اتفق المراقبون أو اختلفوا حول دقة هذه الأرقام، فإنها أسهمت في ترسيخ صورة «النمو السريع»، وتقديم «غروك» ليس كمشروع مستقبلي، بل كبديل جاهز قادر على اقتطاع حصة حقيقية من السوق العالمية.
ميزات تجمع بين الجدية والترفيه
اللافت في حملة ماسك كان تنوع الرسائل؛ فإلى جانب الحديث عن المنطق والدقة، سلط الضوء على ميزات عملية وترفيهية، مثل تحرير الصور والفيديو، وإضافة شخصيات موسمية كـ«سانتا» إلى الصور العائلية، وتعلم اللغات، فضلًا عن دمج «غروك» مباشرة داخل محادثات «إكس».
كما تحدث عن توفير «مرافقين» آمنين للأطفال، وقدرات متقدمة لفهم الصور والمشاهد، في محاولة لتقديم «غروك» كنظام شامل يتجاوز حدود الإجابة النصية التقليدية.
تفاعل واسع بين الحماسة والانتقاد
وحصدت هذه الحملة تفاعلًا لافتًا، حيث حققت بعض التغريدات مئات الآلاف من الإعجابات وإعادات النشر، ما عكس فضولًا متزايدًا لدى المستخدمين لتجربة النموذج الجديد.
في المقابل، لم تخلُ الساحة من الانتقادات، التي ركزت في معظمها على شخصية ماسك المثيرة للجدل، أو على اتهامات ذات طابع سياسي وإيديولوجي، إلى جانب شكاوى محدودة تتعلق بتحيزات سابقة في ردود «غروك».
وبعيدًا عن الضجيج، تكشف هذه الحملة عن تحول أعمق في تسويق تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث اختار إيلون ماسك أن يتولى بنفسه مهمة الترويج، مستخدمًا نفوذه الرقمي وحضوره الشخصي كأداة تنافسية مباشرة.
والنتيجة لم تكن مجرد حملة دعائية لمنتج جديد، بل فصل جديد في صراع أوسع حول من يضع معايير الذكاء الاصطناعي في المرحلة المقبلة، ومن يمتلك الجرأة لخوض هذا الصراع على الملأ.

