الذهب يرتفع تاريخيًا في 2025 ويستعد لموجة جديدة في 2026
شهدت أسعار الذهب في 2025 ارتفاعًا غير مسبوق، حيث قفزت بنسبة 66% لتصل إلى 4378 دولارًا للأونصة، متجاوزة 4000 دولار لأول مرة في أكتوبر، ويعتبر هذا ثاني أفضل أداء للذهب بعد عام 1979 الذي سجل زيادة قياسية بلغت 126%، وجاء هذا الصعود نتيجة تداخل عدة عوامل اقتصادية وسياسية وجيوسياسية دفعت المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن.
توقعات الذهب لعام 2026 و2027
تتوقع المؤسسات المالية العالمية استمرار صعود الذهب في 2026، حيث يرى بنك جيه بي مورجان أن الأسعار قد تصل إلى 5000 دولار للأونصة بنهاية العام، مع إمكانية ارتفاعها إلى 5400 دولار في 2027.
بينما يتوقع جولدمان ساكس زيادة بنسبة 20% لتصل إلى 4900 دولار بنهاية 2026.
ويعتقد محللو بنك يو بي إس أن الذهب قد يصل إلى 5000 دولار بحلول سبتمبر 2026، مع احتمال صعوده إلى 5400 دولار إذا تصاعدت الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
وتعكس هذه التوقعات أن الذهب سيستمر في أداء دوره كملاذ آمن للمستثمرين، مستفيدًا من ضعف العملات التقليدية، استمرار المخاطر الجيوسياسية، وزيادة الطلب من الاحتياطيات الرسمية، مما يعزز موقعه كأحد أهم الأصول الاستثمارية عالميًا.
المخاطر الاقتصادية وتراجع قيمة العملات
ساهمت المخاوف من التضخم والإنفاق المالي الكبير في الاقتصادات الرئيسية، إلى جانب ارتفاع الدين العام، في زيادة الضغط على العملات الورقية، ما عزز الطلب على الذهب للتحوط من تراجع قيمتها.
كما أدت المخاطر المتصاعدة التي تواجه الدولار الأميركي وسندات الخزانة إلى كسر العلاقة التقليدية بين الذهب والعوائد، مما دفع البنوك المركزية إلى تعزيز احتياطياتها من المعدن النفيس.
وتمثل حصة الذهب في الاحتياطيات العالمية نحو 28%، لتصبح ثاني أهم أصل بعد الدولار، مع تجاوز حصة الذهب لأول مرة حصة سندات الخزانة الأميركية منذ عام 1996، في مؤشر على الدور المتزايد للذهب كأداة حماية مالية عالمية.
التوترات الجيوسياسية وتعزيز الطلب
لم تقتصر العوامل المؤثرة على الاقتصاد فقط، بل لعبت التوترات الجيوسياسية دورًا رئيسيًا في دعم الذهب، فالحرب في أوكرانيا، الاضطرابات في الشرق الأوسط، والصراع بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ العالمي، ساهمت في رفع علاوات المخاطر الجيوسياسية، وزيادة إقبال الدول والمستثمرين على شراء الذهب كأصل آمن أمام أي تقلبات مستقبلية.
السياسة النقدية الأميركية وتأثيرها على السوق
على الرغم من خفض معدلات الفائدة الأميركية، شهدت عوائد السندات طويلة الأجل ارتفاعًا عالميًا نتيجة المخاوف من التضخم، وهو ما جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين.
ويتوقع الخبراء أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة مرتين خلال 2026 استجابة لضعف سوق العمل، مع احتمالية محدودة لزيادة عدد مرات الخفض.
وتراجع مؤشر الدولار الأميركي بنحو 10% منذ بداية العام، إلى جانب العجز المزدوج الكبير، يزيد من الضغوط على العملات التقليدية، ويحفز الطلب على الذهب في الأسواق العالمية.
صناديق الاستثمار ودور المستثمرين
شهدت صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب نموًا ملحوظًا في 2025، حيث بلغت الحيازات 98.41 مليون أونصة بزيادة 18.7% منذ بداية العام، وهي أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2022.
كما بلغت التدفقات الصافية نحو الذهب 644 طنًا، وهي الأعلى منذ عام 2009، ما يعكس قوة الطلب الاستثماري على المعدن النفيس.
كما شهدت الاحتياطيات الرسمية للذهب نموًا ملحوظًا، مع اقترابها من أعلى مستوياتها خلال العقود الثلاثة الماضية، مما يدل على استمرار الطلب الرسمي والاستراتيجي على الذهب كأصل أساسي ومستقر.
