«البترول»: إنتاج الغاز يستقر عند 3.5 مليار متر مكعب شهريًا واستثمارات بمليارات الدولارات
استعرض المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، أبرز نتائج تقرير شركة «ريستاد أنرجي» الصادر في 12 ديسمبر الجاري، تحت عنوان: «إعادة ضبط قطاع الغاز في مصر: تسوية المديونيات، استعادة نشاط الحفر، والتوسع في الطاقات المتجددة»، والذي سلط الضوء على التحولات الهيكلية العميقة التي يشهدها قطاع البترول والغاز في مصر.
وأوضح الوزير أن التقرير أكد أن قطاع البترول المصري يمر بمرحلة إعادة ضبط هيكلي غير مسبوقة، مدفوعة بتدخلات حكومية فعالة وإصلاحات سياسية عملية، ربطت بين تطوير الحقول التقليدية وتحقيق أهداف الانتقال الطاقي، رغم التحديات المرتبطة بانخفاض إنتاج بعض الحقول والتراجع الطبيعي في الأصول القائمة.
تراجع الديون واستعادة ثقة المستثمرين
وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية نجحت في التعامل بفاعلية مع أزمة مستحقات الشركاء الأجانب، حيث تراجعت ديون شركات النفط الدولية تدريجيًا خلال عام 2025، بفضل انتظام السداد وتنفيذ خطة مالية ممتدة حتى أوائل عام 2026، وهو ما يعكس التزام الدولة باستعادة ثقة المستثمرين وتحقيق الاستقرار المالي للقطاع، مع تخفيف الضغوط على المشغلين.
وأكد وزير البترول أن هذه الخطوات أسهمت في تحسن ملحوظ بأوضاع السوق، خاصة بعد سنوات من التحديات التي واجهتها مصر نتيجة الانخفاض الطبيعي لإنتاج الحقول القديمة، ما تسبب في ضغوط على إمدادات الغاز، قبل أن تبدأ الأوضاع في التحسن مؤخرًا.
استقرار الإنتاج وعودة نشاط الحفر
وكشف التقرير أن الدولة نجحت خلال الربع الأخير من العام في تثبيت إنتاج الغاز عند مستوى يقارب 3.5 مليار متر مكعب شهريًا، مدعومًا بتسوية المتأخرات وتحفيز الشركات العالمية على العودة بقوة إلى أنشطة الحفر والاستكشاف.
وسلط التقرير الضوء على الأداء اللافت لشركة APA Corporation، التي تمتلك أكبر مساحة امتيازات برية في مصر، حيث حققت نموًا فصليًا تجاوز بكثير متوسط إنتاجها لعام 2024 البالغ 444 مليون قدم مكعب يوميًا، مدفوعًا بسلسلة من آبار الغاز الجديدة التي فاقت التوقعات، إلى جانب استفادتها من تحسينات نظام تسعير الغاز.
إصلاح مناخ الاستثمار.. نموذج أفريقي جديد
وأوضح التقرير أن الحكومة المصرية تبنت مسارًا مختلفًا في إدارة علاقتها مع شركاء الاستثمار، من خلال دمج بعض مناطق الامتياز لرفع الجدوى التشغيلية، وإدخال آلية تسعير تصاعدية للغاز استجابة لمطالب المشغلين، فضلًا عن اعتماد الحوار المباشر مع الشركاء، وهو ما يمثل خروجًا عن نهج «اقبل أو اترك» السائد في العديد من الدول الأفريقية.
واعتبرت «ريستاد أنرجي» أن النهج المصري بات نموذجًا يُحتذى به للدول المنتجة في أفريقيا، في ظل سوق عالمية تتصاعد فيها المنافسة على جذب الاستثمارات.
استثمارات ضخمة وزخم عالمي في الاستكشاف
وأشار التقرير إلى الطفرة في أنشطة الحفر والاستثمار، حيث أطلقت شركة دانة غاز برنامج حفر وتطوير بقيمة 100 مليون دولار لحفر ما يصل إلى 11 بئرًا جديدة، فيما وقعت مصر اتفاقيات مع شركة BP للتوسع في أعمال الاستكشاف بالبحر المتوسط، تشمل حفر ما يصل إلى خمس آبار غاز بحرية بالتعاون مع «إيجاس».
كما أعلنت شركة إيني عن خطط استثمارية تصل إلى 9 مليارات دولار، إلى جانب استحواذ شركة قطر للطاقة على حصة 27% في امتياز شمال كليوباترا البحري بالشراكة مع شركة «شل».
مصر بين الأكثر نشاطًا عالميًا في التراخيص
وأكد وزير البترول أن التقرير صنّف مصر ضمن الدول الرائدة عالميًا في نشاط التراخيص، حيث تُعد الأكثر نشاطًا خلال عامي 2025 و2026 من حيث عدد الجولات المنفذة والمخططة، كما تحتل المرتبة الخامسة عالميًا في طرح عدد المزايدات، بتنفيذ 10 جولات مزايدات، ما يعزز مكانتها على خريطة الاستثمار العالمي في الطاقة.
الطاقة المتجددة وتعزيز أمن الطاقة
وتناول التقرير دور التوسع في الطاقة المتجددة في دعم أمن الطاقة، مشيرًا إلى أن إنتاج الكهرباء من الغاز يمثل الجزء الأكبر من الطلب المحلي، فيما تستهدف الخطة الطموحة للطاقة المتجددة الوصول بمساهمتها إلى 46% من إجمالي مصادر الطاقة في مصر، ما يخفف الضغط على الغاز الطبيعي، ويقلل الاعتماد على واردات الغاز المسال، ويخلق هامشًا للتصدير مستقبلًا.
استراتيجية تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتداول الغاز
وفي ختام العرض، استعرض المهندس كريم بدوي استراتيجية تحول مصر إلى مركز إقليمي لتداول الغاز، عبر زيادة الإنتاج المحلي، وتأمين إمدادات إضافية للشبكة من خلال وحدات التغييز وتجهيز الأرصفة، وتنفيذ مشروعات الربط مع حقول الغاز بدول الجوار.
كما استعرض الموقف الحالي لوحدات إعادة التغييز والسعات المتاحة، والمستهدفات المستقبلية للإنتاج والإمدادات، إلى جانب الجهود المستمرة لتعزيز أنشطة البحث والاستكشاف، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الزيت الخام والغاز الطبيعي، ضمن منظومة متكاملة تضمن استدامة الإمدادات ومرونتها، وتعزز موقع مصر كمحور إقليمي للطاقة.
