قادر على الصمود.. ماذا سيواجه الاقتصاد المصري في حال طالت أمد الحرب بين إيران وإسرائيل

اقتصاد مصر
اقتصاد مصر

مع تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار إلى مصر، إحدى الاقتصادات الرئيسية في المنطقة، لتقييم قدرتها على تحمل تداعيات حرب طويلة الأمد.

ورغم التحديات الاقتصادية الناجمة عن هذا الصراع، يظهر الاقتصاد المصري مرونة ملحوظة، مدعومًا بسياسات حكومية استباقية، تنويع مصادر الدخل، وخبرة متراكمة في إدارة الأزمات.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض التداعيات المحتملة للحرب على مصر، مع التركيز على العومال التي تدعم قدرة الاقتصاد المصري على الصمود.

تداعيات الحرب على الاقتصاد المصري

وتوقف إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، نتيجة التصعيد العسكري، يشكل ضغطًا كبيرًا على قطاعي الصناعة والكهرباء.

وتعتمد مصانع الأسمدة والصناعات الثقيلة على الغاز، وتوقف الإمدادات قد يرفع تكاليف الإنتاج ويؤثر على الصادرات، كما أن ارتفاع أسعار النفط العالمية، الناتج عن التوترات في مضيق هرمز، يزيد من تكلفة استيراد الوقود.

تراجع إيرادات قناة السويس

وتمر عبر مضيق هرمز نسبة كبيرة من تجارة النفط العالمية، وأي تعطل في الملاحة بهذا المضيق سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري، مما قد يقلل من حركة السفن عبر قناة السويس، وهي مصدر رئيسي للنقد الأجنبي.

ضغوط على السياحة

والتوترات الإقليمية وإغلاق المجال الجوي لبعض الدول المجاورة قد يثني السياح عن زيارة مصر، خاصة مع اقتراب موسم السياحة الشتوية.

والسياحة تمثل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وأي تراجع فيها سيؤثر على الاحتياطي النقدي.

تقلبات السوق المالية

وشهدت البورصة المصرية انخفاضًا حادًا مع بدء الصراع، مع هبوط الجنيه المصري أمام الدولار.

كما أن هجرة رؤوس الأموال الساخنة تشكل خطرًا على استقرار السوق، مع تراجع ثقة المستثمرين الأجانب.

ارتفاع التضخم

زيادة أسعار الطاقة والسلع المستوردة ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما يضغط على المواطنين ذوي الدخل المحدود ويزيد من تكلفة المعيشة.

إيران وإسرائيل
إيران وإسرائيل

لماذا يستطيع الاقتصاد المصري الصمود؟

ورغم هذه التحديات، يمتلك الاقتصاد المصري عدة نقاط قوة تجعله قادرًا على تحمل الصدمات الناجمة عن الحرب:

  • سياسات حكومية استباقية: أعلنت الحكومة المصرية عن زيادة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية، مثل القمح والزيوت، ليغطي أكثر من ستة أشهر، مما يضمن استقرار الأسواق الداخلية، كما تعمل وزارتا البترول والكهرباء على إعادة توزيع الغاز المحلي لتلبية احتياجات الصناعة وتوليد الكهرباء، مع خطط لتسريع استكشاف حقول غاز جديدة في البحر المتوسط.
  • تنويع مصادر الطاقة: مصر قللت اعتمادها على الغاز الإسرائيلي تدريجيًا، بفضل اكتشافات حقل ظهر ومشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، وهذه المشاريع تعزز الأمن الطاقي وتخفف من تأثير توقف الإمدادات الخارجية.
  • خبرة إدارة الأزمات: نجحت مصر في تجاوز أزمات اقتصادية سابقة، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية، من خلال برامج إصلاح اقتصادي مدعومة من صندوق النقد الدولي، وهذه الخبرة تمنح الحكومة أدوات فعالة لمواجهة التحديات الحالية.
  • تنويع الشراكات الاقتصادية: تسعى مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول مثل الصين، بهدف تنويع مصادر الاستثمار والطاقة، وهذه الاستراتيجية تقلل الاعتماد على الأسواق إقليمية مضطربة.
  • مرونة القطاع الخاص: يلعب القطاع الخاص دورًا متزايدًا في دعم الاقتصاد، خاصة في الصناعات التصديرية والزراعة، حيث أن الشركات المصرية أظهرت قدرة على التكيف مع الأزمات، مما يساهم في استقرار السوق المحلي.

رؤية الخبراء

وأشار عدة خبراء إلى أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر مرونة بفضل إصلاحات السنوات الأخيرة، ويمكنه تحمل الصدمات الخارجية إذا تمت إدارتها بحكمة".

وأضافوا أن التركيز على زيادة الصادرات غير النفطية وتعزيز السياحة الداخلية يمكن أن يعوض جزءًا من الخسائر، لافتين إلى أن الاستثمارات الخليجية والدعم الدولي سيظلان عامل استقرار رئيسيًا، مع تحذير من أن طول أمد الصراع قد يتطلب إجراءات تقشفية إضافية.

سيناريوهات المستقبل

وفي حال استمرار الصراع، قد تواجه مصر ارتفاعًا مؤقتًا في التضخم وتراجعًا في الإيرادات السياحية والملاحية.

ومع ذلك، فإن السياسات الاستباقية، مثل زيادة الإنتاج المحلي من الغاز وتعزيز الصادرات، يمكنها تخفيف هذه الضغوط.

 

كما أن التدخل الدولي لاحتواء الأزمة قد يقلل من التداعيات الإقليمية، مما يدعم استقرار مصر.

ورغم التداعيات الاقتصادية للحرب بين إيران وإسرائيل، يظهر الاقتصاد المصري قدرة على الصمود، مدعومًا بسياسات حكومية فعالة، تنويع مصادر الدخل، ودعم دولي.

والتحدي يكمن في إدارة الضغوط قصيرة الأمد، مثل أزمة الطاقة والتضخم، لكن المرونة التي أظهرها الاقتصاد المصري في الأزمات السابقة تؤكد أنه قادر على تجاوز هذه العاصفة، مع الحفاظ على دوره كقوة اقتصادية إقليمية.

تم نسخ الرابط