مصر تنجو من أزمة الغاز.. انتصار استراتيجي منع اسرائيل من تهديد مصر

مصر تنجو من أزمة
مصر تنجو من أزمة الغاز.. انتصار استراتيجي كبير

في خطوة تاريخية تؤكد مرونة وقوة الاقتصاد المصري، نجحت مصر في تجاوز أزمة الغاز الطبيعي التي هددت استقرار إمدادات الطاقة خلال 2025.

وبفضل رؤية استراتيجية مبتكرة وقرارات حكيمة، استطاعت الحكومة المصرية تحويل التحدي إلى فرصة، مؤكدة مكانتها كدولة قادرة على إدارة الأزمات بكفاءة عالية.

وهذا النجاح، الذي جاء رغم تقليص إمدادات الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، يعكس قدرة مصر على حماية أمنها الطاقي وتعزيز استقرارها الاقتصادي.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نستعرض كيف نجحت الدولة المصرية في التغلب على أزمة الطاقة.

استجابة مصرية نموذجية للأزمة

وتزامنت أزمة الغاز مع تقليص إسرائيل لصادراتها بنسبة 20%، من مليار قدم مكعب يوميًا إلى حوالي 800 مليون، بحجة الصيانة الدورية لأنابيب حقل "ليفياثان".

كما شهدت مصر تراجعًا في إنتاجها المحلي بنسبة 30% خلال ثلاث سنوات، من 70.4 مليار متر مكعب في 2020 إلى 49.4 مليار في 2024، مما زاد الضغط على الشبكة الوطنية لتلبية احتياجات الكهرباء، الصناعة، وشبكات الغاز المنزلي.

ورغم هذه التحديات، أظهرت مصر كفاءة استثنائية في إدارة الأزمة من خلال خطة رباعية الأبعاد، عززت أمن الطاقة، وقلصت الاعتماد على مصادر خارجية غير موثوقة، وحمت المواطنين من انقطاعات الكهرباء، مع الحفاظ على استقرار الصناعات الحيوية، وكانت جاهزة للقرار الاسرائيلي بوقف تصدير الغاز من بداية الحرب مع إيران.

محطة تغييز
محطة تغييز

المحور الأول: استيراد ذكي وسريع

وفي خطوة استباقية، بدأت مصر منذ ديسمبر 2024 في التخطيط لاستيراد 155-160 شحنة غاز مسال خلال 2025 لسد الفجوة الاستهلاكية.

وعند تفاقم الأزمة، تحركت الحكومة بسرعة فائقة لتأمين 14 شحنة متعاقد عليها مسبقًا، إلى جانب 45 شحنة من السوق الفورية، مع توقيع اتفاقيات مع شركتي "شل" و"توتال" لتوريد 60 شحنة إضافية خلال العام.

وهذه الإجراءات، التي قدرت تكلفتها بين 7 و8 مليارات دولار، أثبتت كفاءة مصر في تأمين إمدادات بديلة بسرعة، مما قلص الاعتماد على الغاز الإسرائيلي وحافظ على استقرار الشبكة الكهربائية.

المحور الثاني: اتفاقيات طويلة الأجل

وأدركت مصر أهمية تنويع مصادر الطاقة لضمان الأمن القومي، فبادرت بتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل حتى 2028 مع دول مثل قطر والجزائر، مع التفاوض على تسهيلات دفع مرنة، مما منحها ميزة تنافسية مقارنة بالتزامات الدفع الفوري مع إسرائيل.

وهذه الخطوة عززت استقرار إمدادات الغاز وحمت مصر من الضغوط السياسية أو الاقتصادية المحتملة.

المحور الثالث: تعزيز البنية التحتية

وأظهرت مصر براعة في تعزيز بنيتها التحتية لاستقبال الغاز المسال، حيث استأجرت وحدة "إنرجوس باور" من شركة "نيو فورتريس إنرجي" الأمريكية، والتي وصلت في 26 مايو، ووقعت اتفاقية مع "هوج إيفي" النرويجية لإنشاء محطة عائمة بميناء سوميد، إلى جانب وحدة تخزين من "بوتاش" التركية.

وهذه الوحدات عززت قدرة مصر على استقبال وتغويز الغاز المسال بكفاءة عالية، مما ساهم في استقرار الإمدادات خلال ذروة الطلب الصيفي.

إمدادات الغاز الطبيعي
إمدادات الغاز الطبيعي

المحور الرابع: الطاقة المتجددة

وفي خطوة طويلة الأمد، تسارع مصر في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وهذه الرؤية المستدامة تعكس التزام الحكومة بتحقيق أمن طاقي مستدام، مع تقليص الضغط على إمدادات الغاز، مما يعزز مكانة مصر كدولة رائدة في المنطقة.

تأثير اقتصادي وسياسي إيجابي

ونجحت مصر في حماية المواطنين من انقطاعات الكهرباء من خلال تخصيص 60% من إمدادات الغاز لتوليد الكهرباء، مع إدارة ذكية لتوزيع الموارد لتجنب التأثير على القطاعات الحيوية.

وعلى الرغم من تقليص إمدادات الغاز لمصانع البتروكيماويات والأسمدة لمدة أسبوعين في مايو، تمكنت الحكومة من الحد من الخسائر واستعادة الإنتاج بسرعة، مما يعكس كفاءة التنسيق بين وزارتي البترول والكهرباء.

وسياسيًا، وجهت مصر ضربة استراتيجية لإسرائيل من خلال تنويع مصادر الغاز، مما قلص اعتمادها على حقل "ليفياثان"، وهذا التحرك أجبر إسرائيل على استئناف ضخ 800 مليون قدم مكعب يوميًا بنهاية مايو، في محاولة لاسترضاء القاهرة.

كما عززت مصر طموحها لتصبح مركزًا إقليميًا للغاز عبر مفاوضات مع قبرص لإسالة غاز حقولها في مصر، مما يقطع الطريق على مشروعات منافسة مثل أنبوب "إيست-ميد".

مستقبل واعد

وتتطلع مصر إلى زيادة إنتاجها المحلي من الغاز عبر مزايدات عالمية للتنقيب في البحر المتوسط ودلتا النيل، مع توقعات ببدء إنتاج حقل "كرونوس" القبرصي بحلول 2028-2029.

وهذه الخطوات، إلى جانب الاستثمار في الطاقة المتجددة، تضمن استقرارًا طويل الأجل لأمن الطاقة، وتعزز مكانة مصر كقوة إقليمية في سوق الغاز.

ونجاح مصر في تجاوز أزمة الغاز يمثل نموذجًا عالميًا لإدارة الأزمات بكفاءة وسرعة، ومن خلال خطة استراتيجية رباعية، استطاعت الحكومة حماية الاقتصاد الوطني، ضمان استقرار الطاقة، وتقليص الاعتماد على مصادر خارجية غير مستقرة.

وهذا الإنجاز يعكس رؤية حكيمة وقدرة استثنائية على تحويل التحديات إلى فرص، مما يعزز ثقة المواطنين والمستثمرين في قدرة مصر على مواجهة أي أزمات مستقبلية.

تم نسخ الرابط