بيع كنوز مصر برخص التراب.. كارثة قررت الحكومة توقفها بعد خسارة المليارات؟

تعرف إن مصر بتخسر مليارات كل سنة؟ مش بسبب أزمة اقتصادية، ولا حرب، لكن لمجرد إننا بنصدر المواد الخام من غير ما نضيف عليها أي قيمة. بنصدر الجلد خام زي ما هو، وبنطلع المعادن من باطن الأرض ونبعته على طول، وحتى المحاصيل الزراعية بنصدرها من غير ما نعمل بيها أي تصنيع..
والنتيجة؟ دول تانية بتشتري مننا الحاجة برخيص، تصنعها، وترجع تبيعها لنا أو لغيرنا بأضعاف تمنها .. دا بظبط عامل زي ما بيبقى عندك دهب وما تعرفش تستغله .. بس الدولة المرة دي قالت كفاية كدا .. كنوزنا محدش أولى بيها مننا .. فيا ترى عملت ايه؟ وايه النتائج المتوقعة؟ وايه الخطوات المنتظرة هنا؟
بنبيع رخيص ليه ونشتريه غالي بعدين؟
اللي بيحصل فعليًا إن دول تانية بتشتري مننا الحاجات دي بثمن قليل، تصنّعها في مصانعها، وبعدين ترجع تبيعها لينا أو تبيعها للعالم كله بأضعاف أضعاف السعر اللي اشترت بيه. يعني تخيل مثلًا الجلود.. بدل ما نعملها شنط وجزم في مصانعنا، نديها لتركيا أو إيطاليا، أو الصين، وهما يصنعوه ويبيعوه للناس في أوروبا والخليج، وإحنا نرجع نشتريه منهم تاني بالسعر الغالي وبعدين نشتريها تاني منهم وإحنا مفتحين بقنا.. يعني معانا الدهب، بس بنبيعه تراب
طيب هو احنا معندناش الإمكانيات؟
بالعكس.. عندنا جلود من أجود الجلود في العالم، عندنا 34 نوع معدن، منهم ذهب ونحاس وحديد وفوسفات، بس بنستغل منهم محليًا حوالي 21% بس! الباقي بنصدره كخام، وهو طالع من باطن الأرض، وساعتها السعر بيكون في الأرض هو كمان،
وطبعًا الزراعة مش بعيدة عن المصيبة دي، بنصدر برتقال وفراولة ومنجا ورز زي ما هم، ونتفرج على بلاد تانية تعمل منهم عصير ومربى ومجمدات، وتبيعهم للعالم بأسعار تضرب اللي إحنا بعناه بعشرين مرة..
طب كل ده أثر علينا إزاي؟
ببساطة ده خلى نسبة الصادرات المصنعة من إجمالي صادرات مصر ما تزيدش عن 48% في الفترة من 2014 لحد 2022، في حين إن تونس وصلت لـ79%، والمغرب 70%، والأردن 73%.. صحيح النسبة اتحسنت في 2024 وبقينا على 53% من صادرات وصلت لـ45 مليار دولار، لكن لسه الطريق طويل.
طيب الحكومة عملت إيه؟
هنا الدولة بدأت تفوق، وقررت تعمل حاجة، فطلعت ببرنامج اسمه "رد الأعباء التصديرية"، وده باختصار عبارة عن دعم مادي للمصدرين، لكن مش أي حد، لأ، الدعم هيروح للي بيصنّع ويضيف قيمة، مش للي بيصدر خام وخلاص. الميزانية كمان اتضاعفت وبقت 45 مليار جنيه في 2025/2026، منها 38 مليار هتتوزع على قطاعات مختلفة، و7 مليار كميزانية مرنة مخصصة للصناعات الجديدة والمعقدة.
الدعم ده كمان بيتوزع بمعايير دقيقة: 50% حسب القيمة المضافة اللي بتحصل على المنتج، و30% حسب نسبة نمو التصدير، و10% حسب القدرة الإنتاجية، و10% حسب عدد العمال اللي بيشغّلهم المصنع. يعني الدولة دلوقتي بتكافئ اللي بينتج وبيشغّل ناس، مش اللي بيشحن صناديق خام على الميناء.
وفي نفس الوقت، الحوار الوطني خرج بتوصيات قوية جدًا، منها وقف تصدير المواد الخام نهائيًا، خاصة الجلود والمعادن، وتشجيع التصنيع المحلي عن طريق حوافز ضريبية، دعم التدريب المهني، وإنشاء مصانع في مناطق صناعية مجهزة..
طب حصل إيه فعليًا؟
اللي حصل إن عدد المصانع في مصر زاد من 24 ألف مصنع في 2014 لـحوالي 69 ألف مصنع في 2025، والدولة بتستهدف توصل لـ100 ألف مصنع في 2030، بإنتاج يوصل لـ170 مليار دولار سنويًا.
بس هل الطريق كله مفروش ورد؟
أكيد لأ، لسه فيه تحديات.. زي نقص التمويل لبعض الصناعات، وعدم توفر تكنولوجيا كافية في قطاعات زي الجلود والمعادن، وكمان بيروقراطية في إجراءات الترخيص والتوسع، ده غير مشاكل الزراعة من ميّه وسلاسل شحن..
ومع كل دا الحكومة مصممة تكمل، وفيه إرادة سياسية واضحة، وفيه مشاركة من القطاع الخاص، وفيه ميزة لموقع مصر والعمالة الموجودة والأسواق اللي حوالينا.
في النهاية، السؤال الكبير اللي قدامنا هو: هل هنفضل نبيع خام ونخسر، ولا نبدأ نصنع ونكسب ونشغل ونصدر منتج عليه ختم صُنع في مصر؟.. الفرصة لسه في إيدينا، بس المهم نكمل ونفكر بعقلية الكسب مش البيع السريع.