خلف الكواليس.. هل استغلت داليا خورشيد نفوذ زوجها لتحصل على 50 ألف دولار؟

في قلب القاهرة، حيث تتقاطع السياسة والاقتصاد، أثارت اتهامات موجهة إلى سيدة الأعمال ووزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد جدلاً واسعاً، حيث تتهم خورشيد باستغلال نفوذ زوجها، طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري الأسبق، لتسهيل صفقات تجارية مربحة مع الشركة المصرية للهيدروكربون، وهي شركة مثقلة بديون ضخمة.
وهذه القضية، التي بدأت تتصدر عناوين الأخبار منذ عام 2019، تسلط الضوء على قضايا حساسة تتعلق بشفافية التعاملات المالية وتضارب المصالح في الأوساط الاقتصادية.
وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نرصد هذه الاتهامات التي نشرتها عدة صحف مصرية حينها.
داليا خورشيد: من الجامعة الأمريكية إلى أروقة السلطة
وداليا حازم جميل خورشيد، مواليد 1974، من الشخصيات المعروفة في المشهد الاقتصادي المصري، حيث تخرجت من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1993 بدرجة بكالوريوس في إدارة الأعمال، وبدأت مسيرتها المهنية في القطاع المصرفي، ثم شغلت منصب نائب رئيس سيتي بنك لمدة ثماني سنوات.
وفي عام 2005، انتقلت إلى شركة أوراسكوم للإنشاءات، حيث تولت منصب أمين الصندوق، ثم أصبحت المديرة التنفيذية لأوراسكوم القابضة للإنشاءات.
وفي مارس 2016، عينت وزيرة للاستثمار في حكومة المهندس شريف إسماعيل، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في مصر، وخلال فترتها الوزارية، التي استمرت حتى فبراير 2017، حازت على لقب "المرأة الحديدية" من مجلة فوربس.
وبعد استقالتها من الوزارة، تزوجت من طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري آنذاك، في مارس 2017، في حفل عائلي أثار اهتمام وسائل الإعلام، ولاحقاً تولت رئاسة مجلس إدارة شركة للاستثمارات المالية.
صفقات الهيدروكربون تحت المجهر
وفي أكتوبر 2019، أثارت تقارير جدلاً حول شبهات فساد تتعلق بداليا خورشيد، حيث قدم النائب البرلماني محمد فؤاد مذكرة رسمية إلى هيئة الرقابة الإدارية في أكتوبر 2020، اتهم فيها خورشيد باستغلال نفوذ زوجها، طارق عامر، لتسهيل صفقات تجارية مع الشركة المصرية للهيدروكربون، وهي شركة تعاني من ديون متراكمة تقدر بنحو 450 مليون دولار.
والاتهامات أشارت إلى أن خورشيد، من خلال شركتها "مسار للاستشارات المالية"، حصلت على عقد استشارات مع الشركة المصرية للهيدروكربون في أبريل 2019، بقيمة 50 ألف دولار شهرياً، بالإضافة إلى نسبة 3% من قيمة قرض جديد تم التفاوض عليه لتسوية ديون الشركة.
والتقارير زعمت أن خورشيد مارست ضغوطاً على البنوك الدائنة لمنع الحجز على أصول الشركة المصرية للهيدروكربون، مستغلة نفوذ زوجها كمحافظ للبنك المركزي وقتها.
كما أشارت إلى أنها قامت بتعيين أشخاص مقربين منها، من موظفي شركتها، في مجالس إدارات هذه البنوك، مما يثير تساؤلات حول تضارب المصالح.
وتحدثت التقارير، عن أن هذه التعاملات كانت تهدف إلى إعادة هيكلة ديون الشركة بطريقة تخدم مصالح خورشيد وشركتها.
وفي مايو 2019، تصاعدت حدة الجدل عندما كشفت تقارير عن أن الشركة المصرية للهيدروكربون، التي كانت تعاني من أزمة مالية حادة، حصلت على قرض جديد بقيمة 250 مليون دولار، بمساعدة شركة مسار للاستشارات المالية.
وهذا القرض أثار شكوكاً حول مدى قانونية الإجراءات، خاصة أن الشركة كانت على وشك الإفلاس، ولم يكن من الواضح كيف تمت الموافقة على القرض رغم المخاطر المالية العالية.
ردود الفعل: نفي وصمت
ولم تصدر داليا خورشيد أو طارق عامر تصريحات رسمية مباشرة ترد على هذه الاتهامات، في حين خرجت تقارير في عدة منصات اخبارية، تتحدث على لسان مصادر مقربة من خورشيد أكدت أن عقود الاستشارات مع الشركة المصرية للهيدروكربون كانت قانونية وتمت وفقاً للإجراءات الرسمية، وأن شركتها لم تستغل أي نفوذ سياسي أو مالي.
كما أشارت هذه المصادر إلى أن دور خورشيد اقتصر على تقديم خدمات استشارية مهنية، وأن أي اتهامات بتضارب المصالح هي "ادعاءات لا أساس لها من الصحة".
ومع ذلك، فإن صمت المؤسسات الرسمية قد زاد من حدة التكهنات، خاصة في ظل الدور الحساس الذي كان يشغله عامر حتى استقالته من المركزي في أغسطس 2022.
وهيئة الرقابة الإدارية، التي تلقت المذكرة البرلمانية، لم تكشف عن نتائج أي تحقيقات رسمية حتى الآن، مما ترك القضية معلقة في دوامة من التكهنات والتساؤلات.
وهذه الاتهامات حول داليا خورشيد تظل واحدة من القضايا التي تثير تساؤلات حول العلاقة بين السلطة والمال في مصر.
وفي ظل غياب حقائق واضحة، تستمر التكهنات في السيطرة على المشهد، مما يعزز الحاجة إلى إصلاحات مؤسسية تضمن الشفافية وتحد من تضارب المصالح.