خطة رقمنة وتطوير القطاع المالي غير المصرفي وتعزيز فرص الاستثمار

تواصل الهيئة العامة للرقابة المالية جهودها المتواصلة لإصلاح وتطوير القطاع المالي غير المصرفي في مصر، عبر مجموعة من المبادرات والخطط التي تفتح آفاقًا جديدة لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مع تحسين بيئة العمل وابتكار منتجات مالية غير مصرفية تلبي احتياجات السوق المتطورة، كما تسعى لتعزيز الثقة في الأسواق المالية غير المصرفية من خلال توفير بيئة تشريعية وتنظيمية واضحة ومستقرة، ما يسهم في جذب مزيد من المستثمرين، سواء من داخل مصر أو من الخارج. وتركز الهيئة على تطوير السياسات التي ترفع من مستوى الشفافية وتدعم الحوكمة الفعالة، مع مراقبة الأسواق بدقة بهدف تحقيق الاستقرار وحماية حقوق المتعاملين.
تمثل استراتيجية الهيئة جزءًا لا يتجزأ من رؤية مصر 2030، حيث يتم إطلاق العنان لنمو القطاع الخاص وتعزيز دوره المحوري في الاقتصاد القومي، وتأتي الرقمنة في مقدمة أولويات الهيئة باعتبارها أداة أساسية لتحويل القطاع المالي غير المصرفي إلى منظومة حديثة وفعالة تعتمد على التكنولوجيا المالية، فقد أطلقت الهيئة خلال الفترة الماضية خطة طموحة لرقمنة الخدمات المالية غير المصرفية، والتي تشمل تطوير أنظمة للتحقق الإلكتروني من الهوية، اعتماد العقود الرقمية، وربط بيانات الهوية برقم الهاتف المحمول، مما يسهل ويُسرع الوصول إلى المنتجات التمويلية والاستثمارية.
وأدت هذه المبادرات الرقمية إلى طفرة واضحة في حجم الاستثمارات التي تصل إلى صناديق الاستثمار في الذهب، حيث تم تسجيل أكثر من 200 ألف حساب جديد خلال عام واحد، مع تجاوز الاستثمارات 2 مليار جنيه، وهو مؤشر واضح على نجاح خطط الرقمنة في جذب شرائح جديدة من المستثمرين.
منصات رقمية
من جانبه قال إيهاب يونس الخبير الاقتصادي، "تحويل الخدمات المالية غير المصرفية إلى منصات رقمية يُعد خطوة محورية في تعزيز الشمول المالي في مصر، خاصةً أن القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة تُعد العمود الفقري للاقتصاد الوطني، فالرقمنة تُسهل وصول هذه الفئات إلى التمويل والاستثمار، ما يُسرّع من تنفيذ المشروعات ويُعزز من ديناميكية السوق، بالإضافة إلى ذلك، تسهم الرقمنة في تحسين الشفافية وتقليل التكاليف التشغيلية، مما يخلق بيئة أكثر جذبًا للاستثمارات المحلية والأجنبية، واعتماد التكنولوجيا المالية يضع مصر في موقع تنافسي على المستوى الإقليمي، ويساعد على دمج فئات كبيرة من المجتمع في النشاط الاقتصادي بشكل رسمي ومنظم."
وتابع في تصريحات خاصة: "الاعتماد على التحقق الإلكتروني من الهوية والعقود الرقمية يمثل قفزة نوعية في تطوير الخدمات المالية غير المصرفية، وهذه الأدوات الرقمية تقلل بشكل كبير من البيروقراطية والتعقيدات الإدارية التي كانت عائقًا أمام الكثير من المستثمرين والمستهلكين، وتسرّع عمليات التمويل والاستثمار، كما أن الربط بين بيانات الهوية ورقم الهاتف المحمول يعزز الأمان والشفافية، ويساعد في الحد من الاحتيال المالي، كل ذلك يجعل السوق أكثر جاذبية ليس فقط للمستثمرين المحليين، بل وأيضًا للمؤسسات المالية الدولية التي تبحث عن بيئات عمل متطورة وموثوقة. كما أن التكنولوجيا المالية تساعد على خلق منتجات مالية مبتكرة تلبي احتياجات الأجيال الجديدة من العملاء."

الاستدامة البيئية
وعلى صعيد الاستدامة البيئية، أطلقت الهيئة أول سوق كربون طوعي في مصر وأفريقيا، الذي يتيح آليات لخفض الانبعاثات الكربونية بشكل منظم ومراقب، ويُعتبر خطوة رائدة تسهم في تيسير اجتذاب التمويلات المناخية الميسرة من المؤسسات الدولية للمشروعات التي تسعى إلى تقليل أثرها البيئي. ويعزز هذا السوق مكانة مصر في التمويل المستدام ويشكل جسرًا لجذب الاستثمارات البيئية المرتبطة بالتغير المناخي.
وأضاف الخبير الاقتصادي، "إطلاق أول سوق كربون طوعي في مصر يُظهر التزام الدولة بتحقيق أهداف الاستدامة البيئية على نحو متقدم مقارنة بالعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، هذا السوق لا يقتصر فقط على كونه أداة للحد من الانبعاثات الكربونية، بل يمثل أيضًا فرصة استثمارية مميزة تجذب التمويلات الخضراء والميسرة من المؤسسات الدولية، ما يدعم التنمية المستدامة في مصر، فالمستثمرون العالميون يولون اهتمامًا متزايدًا للمشروعات الصديقة للبيئة، ووجود سوق كربون منظم وشفاف يوفر إطارًا موثوقًا لاستثمارات ذات أثر إيجابي، وهذا يجعل مصر وجهة استثمارية رائدة في التمويل المستدام، ويعزز مكانتها في الأسواق العالمية ذات الطابع البيئي."
وفي إطار دعم القطاع التأميني، أصدر التشريع الجديد لقانون التأمين الموحد نقلة نوعية للقطاع، حيث يعمل القانون على تعزيز دوره في الاقتصاد القومي من خلال رفع مستويات الادخار الوطني وزيادة فرص الحصول على التغطيات التأمينية، كما ساهم القانون في تحفيز استحداث وتطوير منتجات تأمينية مبتكرة تلبي احتياجات المجتمع، مع تسريع إدخال التطبيقات التكنولوجية في خدمات التأمين لتعزيز الشمول التأميني وزيادة قاعدة المستفيدين.
وتسعى الهيئة إلى تمكين المستثمرين من الاستفادة من التنوع المتزايد في الأدوات والمنتجات المالية غير المصرفية، حيث يعمل تطوير الأسواق على إتاحة فرص استثمارية جديدة تدعم النمو الاقتصادي المستدام، وتشدد الهيئة على أهمية وجود تنظيمات تشريعية مرنة وواضحة تعمل على تعزيز تنافسية السوق وجذب المزيد من رؤوس الأموال.
حماية المستثمرين
كما تولي الهيئة أهمية كبيرة لتبسيط الإجراءات وتطوير بيئة الأعمال، مع التركيز على حماية المستثمرين عبر إدارة المخاطر وتعزيز الحوكمة الرشيدة، ويتضح من السياسات التي تتبعها الهيئة أن دعم الابتكار والتكنولوجيا في القطاع المالي غير المصرفي هو حجر الأساس لبناء اقتصاد متماسك قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، كما تؤكد التزامها بتحويل القطاع المالي غير المصرفي إلى قوة اقتصادية فاعلة تدعم التنمية الاقتصادية في مصر، وتمكن الأفراد والشركات من الوصول إلى منتجات مالية متطورة ومتنوعة تسهم في تحقيق أهدافهم المالية وتنمية استثماراتهم في بيئة آمنة ومستقرة.