وسط أزمات عالمية متصاعدة.. مصر تطمئن شعبها: "عاملين حسابنا"

في ظل الاضطرابات الجيوسياسية التي تضرب الأسواق العالمية، وما تسببه من قلق متزايد حيال إمدادات الغذاء والطاقة، تأتي التصريحات المصرية الرسمية لتؤكد استعداد الدولة الكامل لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية، وتبنيها سياسة استباقية تحقق الأمن الغذائي والاقتصادي للمواطنين.
اكتفاء استراتيجي
بينما يشهد العالم مخاوف متصاعدة من نقص القمح نتيجة الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، وهما من أكبر مورّدي القمح عالميًا، أعلنت الحكومة المصرية عن وفرة كبيرة في الاحتياطي الاستراتيجي من القمح.
وأكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الاحتياطي يكفي لأكثر من 6 أشهر، موضحًا أنه تم توريد أكثر من 3.5 مليون طن من القمح المحلي منذ بدء الموسم، مع استمرار عمليات التوريد.
وأضاف: "زيادة التوريد المحلي تمنح مصر ميزة تفاوضية قوية في استيراد القمح بشروط أفضل".
وتستهدف مصر إنتاج ما يصل إلى 10 ملايين طن ضمن خطة أوسع لتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يتطلب إنتاج 20 مليون طن سنويًا، بدعم من مشروعات الدولة في الاستصلاح الزراعي مثل الدلتا الجديدة وتوشكى ومستقبل مصر.
الغاز من الاستيراد إلى التصدير
في وقت تعاني فيه أوروبا من أزمة غاز حادة نتيجة تقليص الإمدادات الروسية، فاجأت مصر الأسواق بإعلانها تصدير 5 ملايين طن من الغاز المسال إلى أوروبا وآسيا خلال العام الماضي.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر تحولت من دولة مستوردة إلى مصدّرة بفضل اكتشافات الغاز الضخمة ومصانع الإسالة المتقدمة، كما وقعت مصر وقبرص اتفاقًا يسمح بتسييل الغاز القبرصي في مصر وتصديره لأوروبا، ضمن رؤية استراتيجية لتحويل شرق المتوسط إلى مركز طاقة عالمي.
يُذكر أن حقل ظهر العملاق، الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015، يحتوي على احتياطيات تتجاوز 30 تريليون قدم مكعب، وهو ما جعل مصر لاعبًا محوريًا في سوق الطاقة الإقليمي.
ووقعت مجموعة الطاقة الإيطالية إيني اتفاقية لتصدير الغاز القبرصي البحري عبر مصر، ضمن خطة إنشاء مركز للغاز في شرق البحر المتوسط، حيث ستتم معالجة الغاز من منطقة الامتياز 6 بحقل كرونوس في منشآت حقل ظهر في مصر، قبل تسييله في مصنع إسالة الغاز الطبيعي بمدينة دمياط وتصديره إلى أوروبا بموجب الاتفاقية.
وقعت مصر وقبرص، اتفاقيات تسمح بتصدير الغاز من حقول قبرص البحرية إلى مصر لتسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا، في إطار سعي البلدين إلى تعزيز وضع شرق البحر المتوسط كمركز للطاقة.
وفي 14 مايو 2025، أن روسيا ومصر تجريان مباحثات ثنائية لإنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال في مصر، والتي تأتي في إطار تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه مصر لتعزيز بنيتها التحتية للغاز المسال، بينما تبحث روسيا عن أسواق جديدة لتصدير خبراتها وتكنولوجياتها في هذا المجال، خاصة مع التحديات التي تواجه صادراتها إلى أوروبا بسبب العقوبات.
اكتشافات جديدة في خليج السويس
مع ارتفاع أسعار النفط عالميًا وتجاوزها حاجز 100 دولار للبرميل، أعلنت وزارة البترول المصرية عن اكتشاف جديد في بئر "إيست كريستال-1" بخليج السويس، يحتوي على احتياطيات تتجاوز 8 ملايين برميل، مع مؤشرات على زيادتها.
كما كشف الرئيس السيسي عن اكتشاف أكثر من 100 مليون برميل جديدة، يجري العمل حاليًا على استخراجها، مؤكدًا: "عاملين حسابنا ومش هنسيب المصريين في أزمة طاقة".
اكتشاف منجم بأكثر من مليون أوقية
في ظل الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب عالميًا، عززت مصر احتياطاتها الثمينة بإعلانها اكتشاف منجم ذهب يحتوي على أكثر من مليون أوقية في الصحراء الشرقية، ما يرفع من مكانة مصر في خارطة التعدين العالمية.
وتسعى الحكومة إلى جذب استثمارات أجنبية تتجاوز 375 مليون دولار خلال عامين في قطاع التعدين، ضمن خطة تستهدف مليار دولار بحلول عام 2030.
استعدادات كاملة وتحكم في تدفق المياه
أما فيما يتعلق بالمخاوف من ملف سد النهضة وتأثيراته على الأمن المائي لمصر، فقد أكد الرئيس السيسي جاهزية الدولة للتعامل مع أي طارئ، مشيرًا إلى أن مفيض توشكى أصبح جاهزًا لاستقبال أي زيادات في منسوب مياه بحيرة ناصر.
وقال السيسي: "حفرنا ترعة الصحراء وربطناها بمفيض توشكى.. ومستعدين لأي سيناريو مائي، متقلقوش.. عاملين حسابنا كويس قوي".
في الوقت الذي يعاني فيه العالم من اضطرابات غير مسبوقة في الغذاء والطاقة والمياه، تبدو مصر واثقة من قدرتها على تجاوز التحديات، مستندة إلى قيادة سياسية واعية، واستثمارات استراتيجية، وبنية تحتية مرنة.