حسابات بلا حراك.. أين تذهب أموال المستثمرين داخل شبكة بلتون؟

في سوق يفترض أنه خاضع للرقابة المالية الدقيقة، تظهر بلتون المالية القابضة كواحدة من الكيانات التي تثير تساؤلات متزايدة حول آليات تحريك الأموال داخل شركاتها التابعة، وطبيعة العوائد التي تُحقَّق من أنشطة لم تعد واضحة للمستثمرين أو المراقبين.
فبين تقارير مالية تتسم بالغموض، وتوسع في إنشاء شركات فرعية بلا نتائج تشغيلية منشورة، وغياب لشفافية تدفق الأموال بين الكيانات، يواجه المتابع مشهدًا ضبابيًا تتكرر فيه كلمة واحدة: "أين تذهب أموال المستثمرين؟"
نمط دوران مالي داخلي يثير التساؤلات
المثير للانتباه أن بلتون لا تزال تُعلن عن ضخ استثمارات، وزيادات في رأس المال، وافتتاح شركات جديدة مثل Seven للتمويل الاستهلاكي، إلى جانب مشاريع أخرى، بينما تفتقر هذه الكيانات إلى أي أداء مالي مُعلن أو بيانات تشغيلية مقنعة.
ويرى محللون أن هذا النمط يُرجّح وجود "دوران مالي داخلي" بين شركات المجموعة، حيث يتم تمرير الأموال من شركة إلى أخرى بهدف إبقاء الميزانية العامة في حالة "نشاط شكلي" دون خلق قيمة حقيقية.
وتكمن الخطورة في أن مثل هذه العمليات قد تُستخدم كغطاء لتضخيم النتائج، أو لإخفاء الخسائر، أو حتى لتصفير الحسابات الواردة دون تقديم إفصاحات واضحة للمساهمين.
شركات تابعة… لكنها بلا أثر
أحد أبرز مؤشرات الخلل هو أن بعض الشركات التابعة لبلتون، رغم ضخ الاستثمارات فيها، لا يظهر لها أي تمثيل في القوائم المالية المفصلة، أو في النتائج الفصلية، ولا حتى في إفصاحات الهيئة العامة للرقابة المالية.
بل الأكثر غرابة أن بعض هذه الكيانات تُغيّر أسماءها أو هياكلها القانونية في فترات قصيرة، ما يجعل تتبّع حركة الأموال الموجهة إليها أمرًا صعبًا حتى للمختصين، ويفتح الباب أمام فرضيات تتعلق بإعادة تدوير الأموال داخل المنظومة بطريقة لا تتيح للرقابة تتبّع المسار الكامل لها.
من يدير المشهد… ومن يراقبه؟
التساؤلات لا تتوقف عند طريقة الإنفاق، بل تمتد إلى: من يقرر توجيه هذه الأموال؟ وما المعايير التي تُبنى عليها قرارات التوسع أو التمويل؟ وهل هناك جهات رقابية داخلية تقوم بتقييم جدوى ضخ أموال جديدة في كيانات لا تقدم أي نتائج أداء حقيقية؟
غياب الشفافية في هذه الجوانب يجعل من الصعب على المستثمرين فهم الخريطة المالية للمجموعة، ويزيد من احتمالات استخدام الشركات كـ"واجهات مالية" أو مراكز نقل أموال لا تتطلب إعلانًا مُفصلًا في القوائم الموحدة.
الاستثمار في الضباب… والنتائج لا تُرى
من الناحية النظرية، يُفترض أن كل جنيه يُضخ في شركة تابعة يجب أن يظهر لاحقًا في شكل إيراد أو عائد استثماري، أو على الأقل كأصل له قيمة في الميزانية العمومية. لكن في حالة بلتون، تبدو هذه المعادلة غائبة أو غير مكتملة.
فمئات الملايين تُضخ في شركات لا تظهر لها أنشطة تشغيلية معلنة، ولا يتم الإفصاح عن نسب نمو العملاء، أو معدلات العائد، أو نسب التعثر، خاصة في الكيانات التمويلية مثل Seven.
ما يُثير احتمال أن يكون الهدف من هذه العمليات ليس تحقيق الربحية، بل **خلق حركة ظاهرية تُوحي بالنشاط، بينما الحقيقة المحاسبية أبعد ما تكون عن ذلك.
مطلوب تدقيق مالي مستقل
في ظل هذه المعطيات، يطالب خبراء السوق المالي بضرورة إخضاع بلتون وشركاتها التابعة لمراجعة مالية خارجية مستقلة، لا تكتفي بمراجعة الشكل القانوني، بل تبحث في جوهر حركة الأموال، ومبررات الإنفاق، وأهداف كل شركة يتم تمويلها من أموال المساهمين.
كما أن دور هيئة الرقابة المالية يصبح حاسمًا في مراقبة هذه الشبكات المعقدة من الشركات التابعة، لا سيما أن بعض هذه الكيانات لا تُلزم بنشر بيانات مالية كونها غير مدرجة.