خبراء: استقرار الجنيه يمنح الحكومة فرصة لتوسيع قاعدة التمويل الخارجية والمحلية

الاستثمارات الأجنبية
الاستثمارات الأجنبية في مصر

في ظل التحديات المرتبطة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي واتفاقيات التمويل مع صندوق النقد الدولي، تسعى الحكومة المصرية إلى تنويع مصادر الدخل من العملات الأجنبية، من خلال جذب الاستثمارات العربية، وزيادة حصيلة السياحة، وتعزيز تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب التركيز على الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع قاعدة أدوات التمويل، بما يشمل طرح سندات تجزئة للأفراد.

ضغوط دولية ومساعٍ حكومية 


مع ارتفاع التزامات خدمة الدين الخارجي، واشتراطات صندوق النقد المرتبطة بزيادة مرونة الاقتصاد وتقليص الاعتماد على الدولة، تتجه الحكومة المصرية إلى استراتيجيات متعددة لتوفير العملة الصعبة دون اللجوء المفرط إلى الاقتراض، خاصة في ظل ضغوط نقدية وأعباء تمويلية متزايدة على الموازنة العامة.

استثمارات عربية وسياحة 
قال الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تسعى في الوقت الراهن لتنويع مصادر دخلها من العملة الصعبة عبر عدة مسارات، في محاولة لمواجهة التزامات الإصلاح الاقتصادي التي تتطلب موارد مالية مستدامة، وتقليل الضغط على الاحتياطي الأجنبي.

وأوضح خزيم أن "من بين أبرز الخطوات الحالية، الاتجاه نحو جذب استثمارات عربية مباشرة في مشروعات استراتيجية، مثل الاتفاق المرتقب مع الجانب القطري لتطوير منطقة علم الروم بالساحل الشمالي، وهو مشروع من شأنه تنشيط قطاع السياحة الفندقية والعقارات الفاخرة".

وأشار إلى أن الحكومة تراهن أيضًا على زيادة إيرادات السياحة، التي تعافت نسبيًا بدعم من استقرار الأوضاع الأمنية وتحسن البنية التحتية، إلى جانب تسهيل إجراءات الاستثمار السياحي، وتوسيع نطاق الفعاليات الدولية الجاذبة.

وأضاف أن تحويلات المصريين بالخارج تمثل أحد أعمدة تدفق العملة الأجنبية، وهي مصدر يتمتع بالاستقرار النسبي، لكنه بحاجة إلى دعم عبر أدوات ادخارية تنافسية وآليات تحويل مرنة وآمنة.

كما شدد على أن الاستثمار الأجنبي المباشر يجب أن يحظى بأولوية، خاصة في القطاعات الإنتاجية، لا سيما الطاقة والصناعة، بما يخلق فرص عمل ويدعم الناتج المحلي دون تحميل الدولة مزيدًا من الديون.

تحسن الجنيه يدعم جذب المستثمرين 


وفي سياق موازٍ، قال محمد لطفي، الخبير الاقتصادي، إن إشارة وزارة المالية مؤخرًا إلى التوسع في طرح سندات تجزئة للأفراد تأتي نتيجة لتحسن أداء البورصات في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، بجانب جهود البنك المركزي المستمرة لخفض معدلات التضخم، مما يمهد لخفض أسعار الفائدة تدريجيًا.

وأضاف أن تحسن أداء الجنيه المصري خلال الشهور الماضية لعب دورًا كبيرًا في دفع هذه التوجهات، حيث عزز من ثقة المستثمرين، وفتح المجال أمام تنويع أدوات التمويل المتاحة، سواء للمستثمر الفرد أو المؤسسات.

وأكد لطفي أن تنوع الأدوات المالية، من سندات وأذون وأدوات استثمارية أخرى، يسهم في توسيع قاعدة المستثمرين، وجذب رؤوس أموال محلية وأجنبية، خاصة مع استقرار السياسة النقدية.

مسار مزدوج نحو الاستقرار


تسعى الحكومة المصرية إلى الجمع بين استقطاب الموارد الأجنبية المباشرة، وتطوير أدوات الدين المحلي بشكل أكثر كفاءة، بما يحقق استقرارًا ماليًا دون تعريض الاقتصاد لمزيد من أعباء الدين الخارجي، وبينما تبقى التحديات قائمة، فإن مؤشرات الاستقرار الأخيرة، والتحسن التدريجي في قيمة الجنيه، تمثلان فرصة حقيقية للبناء على ما تحقق، وتحقيق توازن بين النمو والتمويل.

 

تم نسخ الرابط