تراجع الدولار أمام الجنيه.. خبراء: تحسن المعروض وتنوع أدوات الدين وراء الانخفاض

سجل سعر صرف الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا أمام الجنيه المصري خلال تعاملات الأسبوع الماضي، في تطور يعكس تحسنًا تدريجيًا في أوضاع سوق النقد الأجنبي وتزايد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، على خلفية الإصلاحات المالية والنقدية التي تمضي الدولة في تنفيذها، ووفق بيانات البنك المركزي المصري، تراجع متوسط سعر الدولار للشراء من 49.36 جنيهًا إلى 49.01 جنيهًا، بانخفاض قدره 35 قرشًا، كما انخفض سعر البيع من 49.49 جنيهًا إلى 49.15 جنيهًا، ويعد هذا التراجع من المؤشرات الإيجابية التي ترصدها الأسواق بعناية في ظل الأوضاع المالية العالمية المعقدة.
ويأتي هذا التراجع بعد فترة من الاستقرار النسبي في سعر الصرف، بدعم من استمرار البنك المركزي في تطبيق سياسة سعر صرف مرن، إلى جانب ارتفاع حجم المعروض من العملة الأجنبية نتيجة تحسن مؤشرات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، وزيادة تدفقات الاستثمار غير المباشر في أدوات الدين الحكومية.
تحسن موارد العملة الصعبة
قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن التراجع الأخير في سعر الدولار يرتبط بتحسن موارد الدولة من النقد الأجنبي، لا سيما في ظل زيادة حركة السياحة، واستقرار الصادرات، إلى جانب التوسع في الاقتراض الموجّه من الأسواق الدولية.
وأوضح في تصريحات خاصة، أن الفجوة بين السعر الرسمي والموازي تقلصت بشكل لافت في الأسابيع الأخيرة، نتيجة لتوافر العملة وهدوء المضاربات، وهو ما يعكس سيطرة أكبر على السوق وتنامي ثقة الأفراد والمستثمرين في توافر الدولار من القنوات الرسمية.
وأضاف أن استمرار هذا التوجه مرهون بتحقيق فائض في ميزان المدفوعات، وتحسن الميزان التجاري، بجانب العمل على تقليص الفاتورة الاستيرادية لصالح زيادة الإنتاج المحلي، وهو ما يتطلب دعمًا مباشرًا للقطاع الصناعي والتصديري.
مرونة إدارة الدين الخارجي
من جانبه، أشار الدكتور وليد جاد الله، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة بني سويف، إلى أن تراجع الدولار يعكس جهودًا حقيقية تبذلها الدولة لتأمين مصادر النقد الأجنبي وتنويع أدواتها المالية.
وقال في تصريحات خاصة، إن مصر نجحت في تنويع أدوات الدين ما بين قصيرة وطويلة الأجل، ما يمنحها مرونة في إدارة الأعباء المالية والتكيف مع صدمات الاقتصاد العالمي.
وأكد جاد الله أن مصر اكتسبت خبرات كبيرة في إدارة التمويل الخارجي، خاصة في ظل اضطرابات الأسواق العالمية، وهو ما ساهم في احتواء ضغوط الديون وطمأنة المستثمرين الدوليين.
كما أوضح أن الدولة تبنت سياسات داعمة للقطاعات الاقتصادية المنتجة، من خلال مبادرات تمويلية بفوائد ميسرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولقطاعات حيوية مثل السياحة والطيران والإسكان الاجتماعي، واعتبر أن هذه السياسات تسعى لتحقيق التوازن بين الانضباط المالي وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأكد أن مصر تمكنت من الاستمرار في تنفيذ مشروعاتها القومية وتوفير السلع الأساسية رغم الأزمات الاقتصادية العالمية، ما يعكس حالة من الاستقرار المالي والنقدي والسياسي، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تهدف للوصول إلى مرحلة نمو طبيعي ومستدام دون الحاجة إلى تدخلات استثنائية.

مستقبل سعر الصرف
ورجح الخبراء استمرار التحسن في أداء الجنيه المصري حال استقرار موارد النقد الأجنبي، ونجاح الدولة في خفض معدلات التضخم، إلا أنهم شددوا على أن المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على زيادة الصادرات، وتحسين بيئة التصنيع المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، لضمان استدامة استقرار سوق الصرف.
وأشاروا إلى أن تنشيط الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسهيل دخول الشركات العالمية للسوق المصري، سيكون له أثر مباشر على دعم الجنيه وتقليص الحاجة للتمويل الخارجي، وهو ما تسعى الحكومة لتحقيقه ضمن خطتها للإصلاح الاقتصادي الممتد حتى عام 2026.