هل يستمر الجنيه الصعود أمام الدولار؟.. قراءة بمؤشرات النصف الثاني من 2025؟

شهد الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا خلال شهر يوليو، ليسجل أقوى أداء له منذ تسعة أشهر أمام الدولار، مدفوعًا بانتعاش ملحوظ في موارد النقد الأجنبي، خاصة عائدات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تدفقات من الاستثمارات الخليجية وارتفاع الصادرات غير البترولية، في مؤشر واضح على تعافي الثقة في الاقتصاد المصري واستقرار السوق النقدية.
وبحسب بيانات البنك المركزي، سجل سعر صرف الجنيه أمام الدولار نحو 48.66 جنيه للشراء و48.76 جنيه للبيع بنهاية يوليو، مقارنة بمستوى تاريخي منخفض بلغ 51.73 جنيه للدولار في أبريل الماضي، متأثرًا حينها بخروج استثمارات من الأسواق الناشئة وتوترات تجارية إقليمية، ويعد هذا التحسن الأخير، البالغة نسبته نحو 2%، الأعلى منذ أكتوبر الماضي، ويعكس نجاح سياسات إدارة السوق وتدفقات العملة الصعبة.
السياحة والتحويلات تقود التحسن
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفي، إن تحسن الجنيه يعود إلى عدة عوامل متزامنة، أبرزها الارتفاع الملحوظ في عوائد السياحة خلال النصف الأول من 2025، والتي سجلت 8 مليارات دولار بنسبة نمو بلغت 22%، إلى جانب طفرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي ارتفعت بنسبة 77.1% خلال الفترة من يوليو إلى أبريل، لتصل إلى 29.4 مليار دولار مقارنة بـ16.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لبيانات البنك المركزي.
وأضاف بدرة في تصريحات خاصة، أن الحكومة ساهمت في جذب مزيد من التحويلات عبر طرح أوعية ادخارية بالدولار للمصريين بالخارج بعوائد مجزية، ما عزز من تدفقات العملة الصعبة، مؤكدًا أن التحويلات مرشحة لتحقيق طفرة خلال 2025 قد تفوق المحققة العام الماضي.
استثمارات خليجية وصادرات قوية
وأشار بدرة إلى أن السوق المصرية شهدت زيادة واضحة في مشتريات المستثمرين الخليجيين للعقارات، خاصة مع التحسن في جودة المشروعات العقارية وانتشارها الجغرافي، ما زاد من جاذبية الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، كما ساهمت زيادة حجم الصادرات المصرية، خاصة من الحاصلات الزراعية، في دعم أرصدة النقد الأجنبي.
ولفت إلى أن تحسن مناخ الاستثمار، لعب دورًا أساسيًا في استعادة ثقة المستثمرين وزيادة التدفقات الدولارية.
سوق الإنتربنك والاستثمار الأجنبي
وسجلت تعاملات سوق الإنتربنك بين البنوك خلال يوليو نحو 4.5 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بمتوسط يومي يتراوح بين 150 و250 مليون دولار، ما يعكس عودة قوية للسيولة الأجنبية.
كما أظهرت بيانات الهيئة العامة للاستثمار أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ 9 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.

توقعات سعر الصرف
توقع بدرة أن يواصل الجنيه المصري تحسنه أمام الدولار خلال النصف الثاني من عام 2025، ليتراوح سعر الصرف بين 45 و50 جنيهًا، شريطة استمرار تدفق الموارد من السياحة، والتحويلات، والصادرات، والاستثمار العقاري الخليجي، ويعكس الأداء القوي للجنيه تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، لكنه يظل مرهونًا باستمرار الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتكثيف جهود جذب النقد الأجنبي عبر قطاعات مستدامة، وإذا نجحت الحكومة في الحفاظ على هذا المسار، فإن سوق الصرف المصرية تتجه إلى مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي والثقة المتزايدة من الداخل والخارج.