ثورة في السوق.. سباق محموم بين وكلاء السيارات في مصر لتخفيض الأسعار

سوق السيارات في مصر
سوق السيارات في مصر

في مشهد اقتصادي ديناميكي، تشهد سوق السيارات المصرية تحولات غير مسبوقة، حيث اندلع سباق محموم بين كبرى الوكالات لتخفيض أسعار السيارات بنسب تصل إلى 20% في بعض الطرازات.

وهذا التحول، الذي بدأ يتبلور خلال الشهرين الماضيين، ليس مجرد رد فعل على ضغوط السوق، بل نتاج استراتيجيات مدروسة ترتكز على توطين الصناعة، واستقرار سعر الصرف، وتغيرات في ديناميكيات العرض والطلب، فما الذي يدفع هذا السباق؟ وكيف يعيد تشكيل خريطة سوق السيارات في مصر؟.

وفي هذا التقرير، من سمارت فاينانس، نغوص في أعماق هذه الظاهرة، مستعينين بآراء خبراء القطاع لكشف السر وراء هذا التحول.

حرب الأسعار

وشهدت أسعار السيارات الجديدة في مصر تراجعًا ملحوظًا يتراوح بين 10% و20% خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بطرح فئات جديدة من السيارات المجمعة محليًا بأسعار تنافسية.

وهذا التراجع لم يكن عشوائيًا، بل نتيجة مباشرة لزيادة الاعتماد على التصنيع المحلي، الذي قلص من تكاليف الاستيراد، وساهم في تنويع الموديلات المتاحة.

وبحسب مسح حديث، أعلن 7 من كبرى الوكالات، مثل "جي بي أوتو" (وكيل هيونداي، شيري، وهافال)، و"المنصور للسيارات" (وكيل إم جي)، و"نيسان إيجيبت"، و"الشركة المصرية التجارية وأوتوموتيف" (وكيل فولكسفاغن)، عن تخفيضات تتراوح بين 25 ألفًا و200 ألف جنيه على طرازات 2026.

التصنيع المحلي محرك التغيير

وأوضح أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن "حرب الأسعار" هذه تأتي في سياق الضغوط الناتجة عن بدء توطين صناعة السيارات في مصر، فقد أدى تجميع عدد من الطرازات محليًا إلى زيادة المعروض من السيارات بأسعار أقل مقارنة بالموديلات المستوردة، خاصة مع تراجع الطلب مقارنة بالسنوات السابقة.

وأشار إلى أن أسعار السيارات الاقتصادية تراجعت بنسبة 25% منذ بداية العام، متوقعًا أن تصل النسبة إلى 30% بحلول نهاية 2025، مع تراجع مواز في أسعار السيارات المستعملة بنفس النسبة تقريبًا.

من جانبه، أكد خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، أن السيارات في الفئة السعرية بين 700 ألف و2 مليون جنيه شهدت تراجعًا بنسبة 10% في المتوسط، نتيجة تنوع الخيارات المحلية التي منحت الوكلاء مرونة أكبر في التسعير.

وأضاف أن استقرار سعر الصرف ساعد في تثبيت تكاليف الإنتاج، مما دفع الشركات لخفض الأسعار للحفاظ على حصصها السوقية.

كما أشار إلى أن السيارات المجمعة محليًا أصبحت تستهدف نحو 70% من الطلب في السوق، مما زاد الضغط على الوكلاء المعتمدين للسيارات المستوردة.

سوق السيارات المستعملة
سوق السيارات المستعملة

تراجع الطلب ومحدودية الفئات الفارهة

ورغم هذه التطورات، أشار سعد إلى أن أسعار السيارات الفارهة لن تشهد تراجعًا كبيرًا في المدى القريب، بسبب محدودية العرض الناتجة عن ضوابط الاستيراد وضعف الطلب عليها.

من ناحية أخرى، أوضح نور درويش، رئيس الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، أن تراجع الإقبال على شراء السيارات دفع الشركات لتخفيض الأسعار لتحفيز المبيعات.

وبحسب درويش، هبطت مبيعات السيارات إلى حوالي 250 ألف وحدة سنويًا، مقارنة بـ450 ألف وحدة في 2010، رغم النمو السكاني الكبير، مرجعًا ذلك إلى زيادة عدد الوكلاء وتنوع الطرازات، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب.

دور شركة النصر وتوقعات المستقبل

وفي سياق متصل، أعلنت شركة النصر للسيارات عن طرح أكثر من 7 طرازات جديدة بأسعار تنافسية، مما يعزز من حدة المنافسة.

وبحسب درويش، يعمل حاليًا 13 شركة في قطاع تصنيع السيارات بمصر، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 95 ألف سيارة، ولكنه استبعد حدوث تخفيضات إضافية كبيرة في الأسعار خلال ما تبقى من 2025، معتبرًا أن الشركات وصلت إلى الحد الأقصى لهوامش التخفيض دون التأثير على أرباحها.

عوامل اقتصادية داعمة

وأشار حسين مصطفى، الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، إلى أن تراجع سعر صرف الدولار وانخفاض أسعار الفائدة كانا من العوامل الرئيسية التي شجعت الشركات على إعادة تسعير السيارات الاقتصادية.

كما ساهم طرح موديلات 2026 في تحريك السوق، من خلال عروض تصفية لمخزون 2024 و2025، بهدف تسريع المبيعات.

وبحسب تقرير "مجلس معلومات سوق السيارات – أميك"، بلغت مبيعات يونيو 2025 نحو 8017 وحدة، بزيادة 26.6% مقارنة بالعام الماضي، مما يعكس بوادر انتعاش.

ويبدو أن سوق السيارات المصرية على موعد مع مزيد من التغيرات، مدفوعة بالتصنيع المحلي، واستقرار الأوضاع الاقتصادية، وتكثيف المنافسة بين الوكلاء، ورغم التحديات التي تواجهها السوق، مثل ضعف الطلب ومحدودية العرض في الفئات الفارهة، فإن هذا السباق قد يفتح المجال أمام المستهلك المصري للحصول على خيارات أكثر تنوعًا وبأسعار أقل.

تم نسخ الرابط